ألم يحن الوقت لحسم هيئة ونظام العمل التطوعي؟
09-05-2012 06:57
أعتقد أن هناك شبه إجماع على أهمية الإسراع في إصدار نظام العمل التطوعي الذي تم اقتراحه ومناقشته من مجلس الشورى ورفع كما يبدو للمقام السامي لإقراره. اليوم الشباب اقتحموا العمل التطوعي في أغلبية المدن من خلال صور عدة، كان أبرزها ما تم في شهر رمضان وفي أيام العيد، وأيضا تنظيم حركة المعتمرين وبعض الأعمال التطوعية الأخرى، والبعض من هؤلاء الشباب كسروا حاجز الخمول وانتظار العمل والفراغ السلبي وغيرها من القيم السلوكية والفكرية وحول هذه الطاقة الفاعلة للعمل الاجتماعي الخيري التطوعي، كما هو موجود في جميع الدول المتحضرة، الذي ترعاه في الغالب جمعيات المجتمع المدني.
الغريب في الأمر أن هناك جمعيات مجتمع مدني سواء علمية أو اجتماعية لديها تراخيص لمزاولة أعمالها ودعم حكومي، لكنها تعيش حالة من الفتور والشللية وضعف الحافز التطوعي، على الرغم من أن الأساس في إنشائها هو الرغبة الشخصية للأعضاء للعمل التطوعي، وهناك تساؤل طرح في أكثر من تجمع: لماذا أوهنت وماتت بعض هذه الجمعيات وتصارع أعضاؤها على أمور ليست من أهدافها التي نشأت من أجلها وحرم المجتمع من جمعيات المجتمع المدني التي ساهمت في النهضة الاجتماعية والعلمية في أكثر الدول تقدما وتحضرا؟ أعتقد أننا في حاجة عاجلة وماسة إلى هيئة وطنية للإشراف على جميع أوجه العمل التطوعي سواء جمعيات أو أنشطة ودعمه وتنظيمه وتفعيله، وأيضا الإسراع في صدور نظام العمل التطوعي، فليس من المعقول ولا من المنطق أن نجعل ''الدرعى ترعى'' بدون عمل مؤسساتي يبقى ويستمر.. وليس من المعقول أن نسمع في ظل عدم وجود نظام أو قانون وهيئة وطنية أن تسعى لمحاولة البعض استغلال العمل التطوعي وتوظيفه لأغراض شخصية وتنشيط جهود المخلصين من أبناء الوطن والمقيمين في العمل المدني التطوعي... وليس من المعقول أن نترك من لديه الحافز والدافع الشخصي للعمل التطوعي أن يُحبط، لأن هناك مؤسسات حكومية ومسؤولين يقفون عائقا أمامه بحجج واهية وأخرى، لأنه لا يوجد نظام أو قانون يحدد الحقوق والواجبات والمسؤوليات وآليات التنفيذي والتنظيم.. وليس من المعقول ألا نسرع في النظام ودعمه وتحفيز العاملين به لاستثمار طاقة الشباب في الطرق السليمة، فهذه الطاقة المهدرة إذا لم تجد متنفسا من خلال العمل التطوعي فستتجه لما هو أسوأ.. ومن المخجل أن نجد من يحاول كبح جماح هذه الطاقة مدفوعا بدوافع الشك والتشكيك وسوء الظن، فمن يذهب للعمل التطوعي من الشباب أو غيرهم لا يريد جزاء ولا شكورا بقدر ما يريد الاحترام والتقدير والثواب، جميع المؤسسات والجامعات والمدارس في العالم يثمنون العمل التطوعي ويحتسب من الساعات الدراسية وساعات العمل الاجتماعي وخدمة المجتمع.
والعمل التطوعي إذا تم تنظيمه ودعمه سيحقق التوازن والتنافس مع العمل الرسمي الذي اعتاد العاملون فيه الرتابة والجمود وضعف الدافعية والإنتاجية والركون لنصوص الأنظمة وليس لروحها.
العمل التطوعي ومؤسسات المجتمع المدني رافد أساسي لدعم مؤسسات الدولة وشريك استراتيجي في التنمية، ولا تستطيع أي دولة إذا أرادت أن تخرج أفراد مجتمعها من الأدوار المتلقية والسلبية ودور المجتمع الرعوي الذي ترعاه الحكومة وتنقله إلى الشراكة وتخرج به من عباءة العالم الثالث إلى العالم الأول، إذا لم تفعل العمل التطوعي وتقننه وتثمنه ويصبح من أحد مكونات العمل الوطني الاحترافي المعترف به رسميا وشعبيا، وأعتقد أنه قد حان الوقت أكثر مما سبق لحسم الجدل والتداخلات في الأدوار والصلاحيات حول أهمية إقرار الهيئة العامة المسؤولة عن الإشراف على التطوعي، قانون أو نظام العمل التطوعي.
------------------------------------------------------- -
نشرت المقالة في جريدة الاقتصادية على الرابط:
http://www.aleqt.com/2012/09/04/article_689371.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|