بوصلة جامعاتنا .. وخدمة المجتمع
01-06-2013 08:20
المادة الأولى من نظام الجامعات السعودية تنص على أن الجامعات مؤسسات علمية وثقافية إلى آخر المادة وخدمة المجتمع في نطاق اختصاصها، وإذا حصرنا الجامعة في الدور التلقيني والكتاب الدراسي والملزمة أصبحت مدرسة ثانوية متطورة نوعا ما، مع العلم أن التعليم العام ليس مجرد نشاط منهجي، بل أيضا نشاط غير منهجي.
عدد الجامعات السعودية اليوم تجاوز ثلاثا وثلاثين جامعة حكومية وخاصة، ومئات من الكليات الحكومية والأهلية، ومع هذا النمو الكبير في إعداد الجامعات إلا أنها ما زالت تعيش حالة من الركود والركون والانشغال بالتدريس والمباني والقبول والتسجيل.
اليوم؛ الجامعة أصبحت مكانا مملا وخاليا من الفعاليات والأدوار الاجتماعية المباشرة على الرغم مما تملكه من إمكانات مادية هائلة وقدرات علمية وشبابية، وساد مع الوقت التفكير في الكسب المادي مقابل أي نشاط تطوعي، وهذه مشكلة قد تحد من دور الجامعة في خدمة المجتمع، ومن أن يتخرج الطالب من الجامعة حتى يفقد الاتصال والتواصل معها ولا تعود له صلة بها، إلا إذا أراد أن يدرس دراسات عليا، ويحتاج إلى توصيات أو أوراق ثبوتية، أو كشف بالدرجات والمواد التي درسها، بل إن البعض يحس أنه لم يتخرج في جامعة بقدر خروجه من جو كئيب ونمطي لا يختلف عن التعليم العام إلا في المسميات، وأصبحت رابطة الخريجين موضوعا من المواضيع المدرجة على جدول النسيان، أما الجامعات العريقة فتجدها على علاقة مع خريجيها وتفتخر وتباهي بهم، وخاصة عندما يكون الخريج مرموقا أو حصل على منصب سياسي أو عالمي، وتدعوه وتحتفل به كأحد خريجيها القدامى الذي نهل من علومها ومعارفها، وهذا ما دعا على المستوى المحلي إلى لجوء كثير من المشاهير وقادة الرأي والبارزين في المجتمع إلى القيام بدور الجامعة في إعادة اتصاله وتواصله مع زملائه الخريجين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حتى إن الجامعات العريقة تطور علاقتها مع خريجيها من خلال الشراكة الاستثمارية، ابتداء من إخراج الشهادات بأشكال مطبوعة على الخشب الفاخر والنحاس والهدايا والقمصان.. إلخ من أشكال الاقتصاديات الجامعية.
في الجامعات العريقة يجتمع الطلبة مع أستاذهم، ويقومون بعمل اجتماعي خارج أسوار الجامعة، ونسمع عنه كثيرا في وسائل الإعلام، أما هنا فاجتماعهم لا يتعدى إطار القاعة والمنهج. وفي الجامعات العريقة الطلاب هم من يقودون العمل التطوعي الاجتماعي والثقافي وإحياء الأمسيات الثقافية والفنية والاجتماعية برعاية الجامعة.
وفي الجامعات العالمية على الرغم من أن أغلبها غير حكومي فهناك دور بنائي لها في تطوير فعاليات وسلوكيات المجتمع وبالذات فئة الشباب، ونجد الطالب والجامعة والمجتمع شركاء في حالة من الوظيفة البنائية والتطويرية للمجتمع. أما طلابنا فليس أمامهم بعد المحاضرة إلا الذهاب إلى أقرب مقهى لشرب المعسل، أو النوم، أو متابعة الإنترنت ساعات، أو البحث عما يثير حب الاستطلاع ... والإثارة.
اليوم لا يمكن لطالب الجامعة أن نربطه بمتغيرات ومتطلبات مجتمعه ومشاركته في الكثير من الحلول الاجتماعية بصفته طالب تعليم عال، إذا لم نجعله يطبق المناهج والأهداف الجامعية على المجتمع. وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن نربط مخرجات الجامعة مع متطلبات واحتياجات المجتمع وسوق العمل إذا لم تكن هناك ممارسة فعلية وميدانية خارج المنهج وأسوار الجامعة لكي يتعرف الطالب وأيضا عضو هيئة التدريس في الجامعة على مشاكل وتحديات المجتمع؛ حتى يساهم في حلها وتكون بمثابة خبرة عملية ميدانية، إذا تخرج في الجامعة يستطيع أن يكون له دور فاعل، لا أن يكون غريبا على مجتمعه وغير مرحب به حتى على المستوى الوظيفي.
أعتقد أننا في حاجة إلى إعادة هيكلة لأفكارنا في تعاطينا مع الشأن الجامعي حتى لا نندفع في اتجاه يفقد الجامعة أهدافها، وأن نخرج من الإطار التقليدي المحصور في اتجاه الوظيفة والشهادة الجامعية إلى تأسيس تقاليد فكرية جديدة تصوب المفهوم من الوظيفة والشهادة، أي بمعنى ما هي وظيفة الإنسان في الحياة؟ وما هو الأثر السلوكي والفكري للمعارف التي يتلقاها على الحياة أيضا حتى نخرج من الإطار السلبي أو العدواني إلى الإطار البنائي والتطويري والإبداعي والوطني
________________________________ __________
http://www.aleqt.com/2013/01/01/article_721395.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|