الاتجار بالصحة والدواء
12-28-2011 06:11
د. عبد الله الحريري
ما يؤرق الإنسان في بلدنا اليوم هو المرض وكيفية معالجته، فالناس أصبحوا يعلمون أن لكل داء دواء وأن الطب في العالم في تقدم وأن الأمل في علاج أغلب الأمراض المزمنة والخطيرة أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأن هناك أدوية وأجهزة طبية غاية في التقدم والفعالية قد رفعت من درجة الممارسة الإكلينيكية وقللت نسب المخاطرة والأخطاء والأمراض الجانبية.
في بلدنا الناس قللوا من توقعاتهم في الحصول على الخدمة في الوقت المناسب، وقبلوا بأقل حقوقهم في الحصول على الخدمة اللائقة بهم كونهم يعيشون في دولة نفطية غنية بالموارد، وأصبح أهم أمل لهم الحصول على سرير وإذا حصلوا عليه بدأت سلسلة من المعاناة المهنية والمخاوف من الأخطاء الطبية وضعف الإمكانات التقنية وتدني مستوى الجودة الشاملة والنوعية، وآخرها روح دور على أدويتك بنفسك.
ويوم شافت شركات الأدوية الموردين "الدرعا ترعى" بدأوا يلعبون بحاجات الناس ومرضهم وعلى "كيفهم"، فمرة يوقفون تزويد الصيدليات بالأدوية التي اعتاد الناس تناولها وليس لها بدائل، ومرة أخرى يجبرون الناس على تناول أدوية "مضروبة" تصنيعيا وهم يعلمون أن المريض الذي يتناول أدوية لمرضه المزمن يتعلق نفسيا وبدنيا بالدواء وأنه قد يدفع الغالي والرخيص من أجل الحصول عليه حتى لو من خارج البلاد وأنه في حالته تلك قد يندفع ويشتري كميات كبيرة حتى لا تتكرر معاناته مع فقدان الدواء يجعل تلك الشركات تحصل على سيولة نقدية هائلة في وقت قصير لمجرد احتكار الأدوية واللعب على نفسيات المرضى.
يجب ألا نطبق مفهوم التجارة الحرة على الدواء والمرضى فالدواء ليس كماليات متروك للمنافسة، فتوافره مهم وجودته أهم وسعره يجب أن يتاح لذوي الدخل المحدود، وأن تصدر هيئة الغذاء والدواء ووزارتا الصحة والتجارة القوانين التي تجبر الشركات والموردين على عدم إيقاف توريد الأدوية وأن تكون هناك شركات تضخ الأدوية نفسها بالمسمى العلمي نفسه وليس بديلا آخر لمسمى علمي مختلف، وأن تكون هناك مراقبة إلكترونية دقيقة لمخزون الأدوية في صيدليات المستشفيات الحكومية فربما مثل تلك الإجراءات تعطي بعض الأمل وتقلل من قلقنا على صحتنا.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|