المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
الزهايمر لن يعد مشكلة عندما يتطور وعينا
الزهايمر لن يعد مشكلة عندما يتطور وعينا
08-01-2013 06:45

اليوم تعد الثورة المعلوماتية من أفضل الحلول لكثير من الأمراض، إلى جانب الدور العائلي، فقد بدأ دور المستشفى يتلاشى فيما يتعلق بالعناية الصحية والنفسية والاجتماعية, وأصبح المنزل هو البيئة المناسبة للتطبيب والرعاية الصحية، خاصة لدى كبار السن الذين يعانون تحديات تواجه صحتهم بشكل مزمن.

والزهايمر هو من الأمراض التي تحتاج إلى تحرك عالمي على مستوى الأبحاث لإيجاد علاج يمنعه أو على الأقل يقلل من نسبة حدوثه وحدته مع الوقت, وأعتقد أن عالم التقنية الحديثة يسهم كثيراً في المساعدة على تكيف الإنسان مع مرضه والتعايش معه. فالتقنية الاستحثاثية للمخ سواء من خلال تنشيط خلايا المخ أو الحد من تدهورها، أتوقع أن تلقى رواجاً كبيراً في السنوات المقبلة وستسهم كثيراً في جعل المريض أكثر استرخاء وتقلل من نسب الإحباط والاكتئاب. وإذا جمعنا بين الآثار الإيجابية للتقنية التي ستحث المخ والإنسان على الحياة, والمزيد من التفاعل والتكيف، إلى جانب ما يمكن أن تخرج به الأبحاث من علاجات جديدة أكثر نوعية ودور العائلة, فإن مفهوم المرض والنظرة إليه ستتحول من العبء إلى التعايش، وهذا ما يحتاج إليه مريض الزهايمر.

اليوم تفهّم ووعي الأسرة بالكثير من الأمراض المزعجة والمزمنة سيسهم كثيرا في التحول من المستشفى كمحور العلاج والوقاية بشكلٍ كبير إلى الأسرة، وبالتالي التطور والتقدم في تحسن الكثير من الحالات والحد من تدهورها. وهذا التوجه في حد ذاته نقلة في مفهوم العمل الصحي، حيث يتحول محور التمركز في العملية العلاجية من مبنى المستشفى إلى البيئة القريبة من المستفيد ويقلل من عزلة المريض عن المجتمع وعن فعالياته وأنشطته، وهو ما يحتاج إليه فعلا كثير من المرضى الذين يعانون مشكلات مزمنة. فالمستشفى كما نعلم رمز مرتبط بالمرض والخوف والقلق على الصحة, والمستشفى أفضل بيئة لنقل العدوى وسيطرة الأفكار المرضية بعكس البيت الذي يعتبر البيئة الأساسية والمريحة والاجتماعية لأي إنسان.

مريض الزهايمر على وجه الخصوص لا يختلف عن المرضى الآخرين في طريقة التعامل معه وتفهمه واحترامه وعدم إتاحة الفرصة للصغار أو الكبار للضحك عليه والاستهزاء به. حتى على المستوى الإعلامي فمن حقه علينا وعلى المجتمع أن نهتم به ونتعاطف معه ونحترمه ونقدره ونساعده. فقد كان طوال حياته يقوم بذلك معنا. وما يحتاج إليه من يصاب بالزهايمر أن نساعده على الخروج من حالة اليأس والمرض إلى الأمل، وإن الأمل قادم والحلول قادمة والناس (شغالين) ليجدوا الحلول ولا نكتفي بالرعاية التقليدية، بل يجب أن نفعّل فكرنا الإبداعي في استخدام أساليب التقنية الحديثة كوسائل مساعدة ومساندة للتقليل من اعتماده على الآخرين وتذكيره بالمواعيد والمواقف والأحداث، وأن نكون توكيديين وواثقين من أنفسنا ولا نعزله عن الآخرين ونستحي منه أو نعتذر كثيراً لما يصدر منه من هفوات، بل نشجع الآخرين على التعامل معه وتقبله والمشاركة في رفع روحه المعنوية لتتجاوز أي صعوبات. فالعلامات القوية والمترابطة والواعية تحسن كثيراً من روحه المعنوية وتقلل من تدهور حالته. نحن في حاجة إلى المزيد من المهارات الحياتية التي تجعلنا نتفهم أفكار وسلوكيات ومشاعر الكثير من الذين يعانون المشكلات الصحية وفي مقدمتهم من يعانون الزهايمر.

تم نشر هذه المقاله في جريدة الأقتصاديه - صفحة الرأي - على هذا الرابط
http://www.aleqt.com/2013/07/30/article_774312.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 371


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (19 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.