التمركز حول الوظيفة والراتب .. إلى أين نصل؟
08-06-2013 08:00
مخطئ من يعتقد أن الوظيفة العامة مصدر الأمان الحياتي. فالوظيفة على عمومها لم تخلق إلا كي نفصل منها، سواء من خلال التقاعد أو الاستقالة. أما وظيفة الإنسان في الحياة والمجتمع فلا تتوقف وممكن تعزيزها من خلال العمل الحر، خاصة المشروعات الصغيرة التي تدر أرباحا عالية بقدرة تشغيلية منخفضة, وموضوع التركيز على الراتب كمصدر دائم ووحيد للدخل عملية إضاعة وقت وتمركز حول قضية استهلاكية لا تدوم.
يقول أحد خبراء دراسات الأسواق إن المواطن المستهلك يمارس عليهم سلوكا غير أخلاقي وانتهازيا من فئة تتستر عليهم ويسيطرون على أسواق التجزئة. وفي هذا الصدد لا بد أن تتدخل الدولة والمجتمع للحد من هذه الممارسات في توافر مستوى لائق من الحماية للمحافظة على إمكانات المواطن المالية المحدودة لتوفير الحد الأدنى من احتياجاته الأساسية من الغذاء والشراب والمستلزمات الحياتية المهمة.
إن نوعية التدخل هنا تفعيل دور المجالس البلدية ومجالس الأحياء والعمد, بالتعاون مع أجهزة الدول بالقيام بحملة لإقفال البقالات والمغاسل ومحطات البنزين والخدمات الأخرى التي تديرها وتتستر عليها العمالة الأجنبية, وإحلالها بالجمعيات التعاونية التي ترعاها الدولة ودعمت أخيرا بمبالغ مناسبة ولها آلية عمل ومراقبة ومحاسبة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية, والوزارة التي تمنح التراخيص لها. وأنواعها تغطي معظم النشاطات المهمة في المجتمع فهناك الجمعيات التعاونية متعددة الأغراض. والجمعيات التعاونية الزراعية, والجمعيات التعاونية الاستهلاكية, وجمعية صيد الأسماك والجمعيات التسويقية والجمعيات المهنية, وجمعيات الإسكان, كلها تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية. ويمكن الاطلاع على أدوارها وكيفية تكوينها ودعمها من موقع الوزارة، وهي في الحقيقة مناجم ذهب للقضاء على البطالة والفقر وضبط الأسعار وجودة المواد المستهلكة, وفي آخر المطاف (سمننا في دقيقنا), وانطلاقة المشروعات الصغيرة الاستهلاكية.
المهم هنا أيضا أن نستفيد من تجربة الإمارات والكويت كبلدين خليجيين في تطوير الجمعيات التعاونية لديها, وأن ندرك أن تلك الجمعيات ممكن أن تتحول إلى تكتلات اقتصادية قوية لتجار التجزئة, وعائد مربح ينقل أفراد الأحياء من مستوى الفقر والبطالة إلى الربح والاكتفاء الذاتي والإنتاجي ويحول المليارات المحولة للخارج إلى الداخل.
إنني متأكد أن هذه الجمعيات والمشاريع الصغيرة، التي قد يحتوي مشروعها على تموينات غذائية ومغسلة ملابس وكتب للتسويق ومكاتب لصيانة الأجهزة الإلكترونية وبيعها ومحطة البنزين.. إلخ, أو ما يمكن أن نسميه مركز أعمال متنوعا ستقضي على نصف البطالة في المملكة إن لم تكن زيادة مستوى الدخول, وستدرب المواطنين على البيع والشراء والتسويق وبقية المهن عمليا لينطلقوا إلى مشاريع أكبر في المستقبل, ولا سيما أنها ستكون بجوار سكنهم، ما يقلل اعتمادهم على تكاليف المواصلات, وهي في الحقيقة متاحة للرجال والنساء حسب النشاط فلماذا نجلس مكتوفي الأيدي ونفكر ونفكر في الراتب وننتظر التقاعد والوظيفة وأمامنا هذه الفرص المتاحة والمدعومة من الدولة؟
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|