هل وقف الزمن عند «العلاقي» ولم يستوعبوا التغيير؟
08-27-2013 08:49
من الذي يشكك في أن زمن الملف العلاقي وصندوق الشكاوى والمقترحات الذي يعلق في بعض الدوائر الحكومية، قد ولى واندثر أو أنه في طريقه نحو الاندثار، ذلك الصندوق الذي دوما كنا نشاهده منزويا في زاوية قصية من الإدارة وكأنه قد تم تصميمه ووضعه على مضض، ثم نفاجأ أنه بات مهملا ولا يفتح إلا مرة في السنة، ولا مانع كل سنتين.
غني عن القول إن بعض القيم الإدارية القديمة عندما تشاهدها وقد أهملت وبدأ الاستغناء عنها، أمام وسائل إدارية أكثر عصرية وأكثر فائدة وابتكار، فإن النتيجة بكل تأكيد تعود بالفائدة على المواطن الذي هو متلقي الخدمة الأول والمستفيد من أي عملية تطويرية. والجانب الآخر في مثل عملية التطور الإداري هو تسليط الضوء على جهود الدولة وحرصها على المعاملات الإلكترونية والحكومة الإلكترونية، تسهيلا على الناس وتحسين الحياة ومزيدا من الرفاهية للمجتمع كافة. ولهذه الخدمات فوائد جمة لم تخف على صانع القرار لذلك أولاها عناية بالغة وكبيرة، لعل من أهمها مدى جسور التواصل والاتصال مع كل فئات المجتمع دون استثناء، حيث بات الوصول للمسؤول في غاية من اليسر، ولن أذهب بعيدا فهذه وزارة الداخلية بخدماتها الإلكترونية التي يضرب بها المثل، خير مثال في هذا السياق، حيث يمكننا تقديم معاملة من خلال خدماتها بعد التسجيل فيها، ومن ثم يتم منحك رقما للمتابعة، ويتم الرد عليك هاتفيا وإلكترونيا، بل هناك خدمة التبليغ عن أي أذى إلكتروني مثل موقع فيه شتم وانتهاك لحقوقك، أو أي رابط تراه مضرا وفيه تجاوز وتعد، أو اختراق لبريدك الإلكتروني أو موقعك على شبكة الإنترنت، بل للتبليغ عن أي ضرر يهدد سلامتك الجسدية والفكرية، وهي خدمة بكل المقاييس مبتكرة وسريعة، والجميل أنك بعد تقديم البلاغ يمكنك متابعة أين وصل وما الإجراءات التي اتخذت.
بطبيعة الحال أن الخدمات الحكومية الإلكترونية في حال اكتمالها في كل قطاعات الدولة، فإنها ستكون رافدا مهما جدا لجهود الدولة في مكافحة الفساد ونشر قيم النزاهة وتطبيق الأنظمة وملاحقة العابثين بحقوق الآخرين.
اليوم بدأنا نلمس مثل هذه التطبيقات الإلكترونية بشكل فعلي على أرض الواقع، حيث ساهمت خدمات مثل التبصيم والتأشيرات والعمالة ومتطلباتها من تجديد الإقامات إلى الخروج والعودة وشروط مثل الفحص الطبي ودفع الرسوم، أقول لقد شاهدنا ما تحقق من إنجازات في هذا المضمار بواسطة موقع الجوازات، أو للخدمات في مجال الأحوال المدنية من أخذ المواعيد عبر موقع مخصص وإدارة الجموع والزحام، حيث بات الكمبيوتر هو الموجه الذي يدير عملية منح الموعد حسب المتاح، فكانت هناك انسيابية وسهولة وتخفيف على الناس، وذهب الوقوف في طابور طويل لساعات لتحصل على الخدمة. بل أكاد أجزم أن هناك عددا من المواطنين وقف بهم الزمن عند مرحلة الملف العلاقي ومراجعة الشبابيك، لعل خير مثال في هذا السياق ما ذكره أحد الأصدقاء أنه قام بتسديد رسوم عاملة منزلية وصلت للعمل لديه، وطلب إصدار إقامتها إلكترونيا من موقع ''أبشر'' التابع لإدارة الجوازات، المهم ذهب لإدارة الجوازات وهو يحمل أوراقا عليها صورة العاملة ومختومة وصورة جواز سفرها وصورة بطاقته، والفحص الطبي، ووقف ينتظر رقمه، وبعد أن حان دوره ووقف أمام الموظف، نظر له الموظف وقال: منذ متى وأنت تنتظر فقال تقريبا ساعة، فضحك وطلب منه أن يتوجه لكاونترات مخصصة لخدمة أبشر، ذهب صديقنا للصالة المعنية، وتوجه للموظف الذي قام بقص بطاقة الإقامة للعاملة في أقل من عشر ثوان، وسلمها دون أي إبطاء أو تردد، الذي حدث هنا أن صديقنا لم يعلم أنه هو الذي قد قام بعمل الموظف كاملا وما ذهابه لإدارة الجوازات إلا لاستلام الإقامة فقط، وفي المستقبل القريب لن يذهب لتسلُّم هذه الإقامة لأنها ستصله عبر البريد. يقول هذا الصديق إن الإعلانات عن خدمة أبشر كانت منتشرة في كل زاوية وخلال انتظاري كنت أشاهدها وأقرؤها، أيضا كان يمكنني الذهاب لأي فرع من فروع الجوازات المنتشرة في بعض الأسواق التجارية لقص بطاقة إقامة العاملة لكنني لم أستوعبها أو لم أصدق أنها بهذه السهولة. نحن بالتأكيد نتطلع لاكتمال الخدمات الإلكترونية في كل القطاعات الأخرى كالصحة والتعليم، رغم أنهما قد قطعا أشواطا كبيرة في هذا المجال. وعما قريب سندرك الفرق الكبير، وسيسقط كثير من الفساد وتعزز قيم النزاهة وحقوق الإنسان ورفاهيته.
---------------------------------
تم نشر هذا المقال في جريدة الأقتصاديه صفحة الرأي على هذا الرابط
http://www.aleqt.com/2013/08/27/article_781263.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|