الساخطون فوضويون تعايشوا مع المتناقضات
09-03-2013 03:22
البناء الخلاق عدو للبطالة، لأنه شعور داخلي للأفراد وهو شعور إيجابي مرتبط بالإرادة، والبطالة مرتبطة بالنظرة السلبية والتبرير وأغلب الناس الذين ينتقدون وهم سلبيون يعانون افتقارهم لفكرة البناء الخلاق ويميلون للفوضى وعدم المبالاة، بينما الذين يعتقدون بالبناء الخلاق هم من صنعوا حضارات الشعوب والأمم، ولم ينتظروا أن تبنيهم الدول.. وهناك فرق كبير بين من يعمل ويكافح ولديه رؤية واضحة للبناء والتطور وبين الذي ينتظر الوظيفة أو أي شيء يمس دوره في المجتمع ويستمر في مواصلة عطالته بتغطية من الوظيفة.
البناء الخلاق مرتبط بالإرادة وليس مرتبطا بالمال، فمن لديه اعتقاد بالبناء الخلاق لديه إرادة قوية نحو التطور والإبداع والحضارة بمفهومها الشامل.. وهو ما يعني الشخصية البناءة التي لديها رؤية واضحة وأهداف قابلة للتطبيق ولا تؤمن بثقافة الأحلام، في المجتمعات الخلاقة نجد أنهم دائما في حالة من الإثارة الفكرية الإيجابية في جميع تفاعلاتهم الحياتية فعندما يجتمعون لمناقشة موضوع ما نجدهم لا يتكلمون عن الآخرين أو يحولون الحديث إلى سواليف لكل ما هب ودب، بل ينصب الموضوع نحو الأفكار والحوارات البناءة التي تخدم التطور والإبداع والتميز لذلك يعتبر أي لقاء أو اجتماع بمثابة العصف الذهني الإيجابي وتلاقح الأفكار والرؤى، حتى على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، فعندما اخترعوها كانت وسيلة لأتمتة هذا الفكر البناء وإثرائه بالمزيد من العقول والأفكار الخلاقة ولم يكن ساحة للفوضى وبيئة لنمو الأفكار السلبية والعودة إلى الجاهلية البدائية وانحطاط العقل.
اليوم نحن أمام مفترق طرق إما الفوضى الخلاقة أو البناء الخلاق وقد جربنا ونجرب الفوضى في حياتنا وفي قراراتنا وأثبتت مع الوقت أننا نعمل عكس عقارب الساعة، فبدلا من أن نتطور أصبحنا نتدهور، وعندما نودي بالفوضى الخلاقة من مجتمعات غير فوضوية لتطبيقها في مجتمعات نامية فوضوية عادت بمجتمعاتنا إلى الوراء على المستوى الفكري والسلوكي لأنك لا تبني فوضى على فوضى، بل قد تحتاج أنت كشخص إلى بعض الفوضى الفكرية، عندما يصيبك السبات وأنت صاحب فكر بناء ووصلت إلى مرحلة تحتاج إلى الخروج عن المألوف إلى فوضى فكرية إبداعية غير تقليدية لتعيد لك حياتك وفعاليتك وحيويتك.
أصحاب البناء الخلاق عندما يتناولون أي موضوع أو ينظرون إليه فإن الجانب التطوري والإبداعي والعقلاني والمنطقي هو المحرك والهدف، لذلك تكون النتائج أكثر إيجابية وذات فعالية وقابلة للتطبيق.
هناك تعزيز إعلامي وعبر مواقع التواصل الاجتماعي لإيقاف وتعثر مشروع البناء الخلاق واستبداله بالفوضى الخلاقة حتى يبقى الفرد يراوح مكانه ويعيش حالة من الصراع ما بين البدائية وحاجاته الحياتية ولا يلتفت بشكل عقلاني لمطالبه الأصيلة التي تدفعه لأن يكون إنسانا بناء بل يعيش مكتئبا لا يبالي العواقب يسخط على كل شيء حتى على إشارة المرور الحمراء لا تدري ماذا يريد؟ وما أهدافه في الحياة؟ ولماذا هو في هذا الوجود؟ وهل قام بدوره وواجباته وأدى مسؤولياته وساهم في البناء ولديه بصمة وطنية واجتماعية أم مجرد ظاهرة كلامية؟
المهم الساخطون قد تلونت أعينهم وأفكارهم بالعتمة وانعكس ذلك على حياتهم، هم اليوم يعيشون حالة من التخبط ما بين عالم المتناقضات، فهم يسخطون على الإشارة الحمراء ثم يكسرونها، وهذا يعني كسر أداة من أدوات الأمن والسلامة، وبالمقابل وعلى النقيض يستنجدون بالأمن ويلومونهم عندما لا يرونهم في مواقع الزحام ويريدونهم موجودين 24 ساعة في كل ركن وزاوية وتناسوا في الأول أنهم هم الذين كسروا الإشارة وسببوا الزحمة يوما ما.
تم نشر هذا المقال في جريدة الأقتصاديه صفحة الرأي عبر هذا الرابط
-----------------------------------------------
http://www.aleqt.com/2013/09/03/article_783012.html
|
خدمات المحتوى
|
د.عبدالله الحريري
تقييم
|