كيف الحال
03-12-2014 11:53
السعادة المفهوم والواقع!
طوال التاريخ الإنساني، والبشرية تبحث عن السعادة كواقع تريد العيش في أتونه ولم يشغلها طوال هذا التاريخ فلسفة هذه الكلمة وتفرعاتها ونظريات الدارسين في رحابها، بل كان التفكير الدائم هو التعايش مع واقع سعيد محمل بالفرحة والراحة والهدوء والاطمئنان، ومن خلال هذه النقطة التقط الكثير من دارسي العلوم الاجتماعية أهمية توافر عناصر وأسباب تجعل الإنسان ينطلق ويحقق السعادة دون حتى أن يدرك معناها بل تذوقها والإبحار وسطها. ولم يكن منذ الأزل وحتى اليوم يمكن لأي إنسان أن يحقق السعادة أو إذا أراد أن يحقق الراحة والنجاح والصحة والخير لنفسه، إلا بعد أن يحقق جملة من الاحتياجات التي تساعده بطبيعة الحال ليصل للسعادة اللحظية أو التي يتخللها شيء من الحزن، لأننا تعودنا أن لا سعادة مطلقة، في هذا السياق أتذكر هرم الاحتياجات الذي وضعه عالم النفس الأمريكي دكتور الفلسفة ابرهام ماسلو، والذي سمي فيما بعد بهرم ماسلو، حيث يبدأ الهرم من القاعدة بالحاجة الفسيولوجية مثل التنفس وتوافر الطعام والماء والنوم، ثم يصعد لتحقيق الحاجة للأمان مثل السلامة الجسدية والأمن الوظيفي وأمن الموارد والأمن الأسري والصحي والممتلكات. بعد ذلك يصعد لحاجة أعلى وهي الحاجة الاجتماعية والتي تتضمن الصداقة والعلاقات الأسرية والألفة، وإذا نجح في تحقيق هذه الحاجة يصعد لتحقيق الحاجة للتقدير والتي تتضمن تقدير الذات والثقة والانجازات واحترام الآخرين والاحترام من الآخرين، فإذا حقق هذه الحاجة يتوجه نحو أعلى الهرم وهي الحاجة لتحقيق الذات والتي تتمثل في الابتكار وحل المشاكل وتقبل الحقائق. وفي ظني أن أي إنسان يتمكن من الوصول لهذا الهرم فإنه يكون مهيأ ليعيش السعادة، ولكن هل يستطيع أن يعيشها بشكل دائم، بطبيعة الحال فإن الإجابة لا، أما لماذا، فهو التساؤل الذي يطرح منذ عصور ومنذ زمن طويل دون إجابة وافية أو مقنعة، أحدهم سألني ذات مرة: لماذا يوجد أثرياء يتمتعون بالصحة ولكن تمر بهم حالات من الحزن أو الشعور بعدم السعادة؟ أو بصفة عامة نشاهد أناسا لا شيء ينقصهم ولكنهم ليسوا سعداء بشكل دائم؟ وأعود للقول ان هذا التساؤل كبير وله تاريخ طويل، والمحصلة النهائية أن لا مال ولا أيا من الماديات يمكنها أن تجلب لك ذلك الشعور الذي يغمرنا ويغطي النفس بالراحة والاطمئنان ونسميه اختصارا سعادة. ولعل الكلمات التي تنسب للشاعر الانجليزي الشهير شكسبير عن السعادة تحمل دلالات هذا البحث، حيث قال: "إذا كانت سعادة الإنسان مرهونة بوجود شخص معين, أو بامتلاك شيء محدد فما هي بسعادة, أما إذا عرف الإنسان كيف يقف وحده في موقف عصيب, مؤدياً ما يجب عليه من عمل بكل ما في قلبه من حب وإخلاص فهذا الإنسان قد وجد إلى السعادة سبيلا". ورغم هذا فإنه لا يمكن أن ننكر أن هناك جوانب تساعد على بعث السعادة وتحققها، فجودة الحياة وما تقدمه الحكومات لشعوبها من خدمات حياتية مختلفة تقلل بكل تأكيد من التوتر والاجهاد وبالتالي تزيد من مستوى السعادة وإن بشكلها الجمعي لا الفردي، ولا ننسى أن من أهم مقومات سعادة المجتمعات العدل والخدمات المميزة وعدم تجاوز الحقوق والرعاية الصحية والاجتماعية.. وفي هذا السياق أقول: عيشوا يومكم باطمئنان وهدوء وقناعة، متعكم الله بالسعادة.
--------------------------------------------------------------------
لقراءة المقال من مصدره انقر على الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/News/art/120639.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|