جيمس خان يسرح ويمرح!!
07-05-2014 04:50
يعيش العالم حربا معلوماتية شرسة، لكنها باردة، بمعنى أنها حرب خفية، وهذه الحرب في كافة مفاصل الحياة من العسكرية إلى الاقتصادية وغيرها، والمخترعات في عالم الجاسوسية هي الأخرى تظل محل اهتمام ومتابعة من الكثيرين، وتبعا للتطور التكنولوجي الجارف فإن وسائل التجسس هي أيضا تطورت لدرجات مبهرة، فالذي نعرفه عن عالم الجاسوسية أنه قدم مخترعات مذهلة تستهدف استخلاص المعلومات بالسرعة والكفاءة والدقة والخفة، لذا سمعنا باختراع ساعات تلتقط الأصوات بدقة كبيرة وبمساحة ذاكرة كافية، وبالمثل شاهدنا النظارات التي تقوم برصدك صوتا وصورة والصورة متحركة، فأنت لا تعلم أن النظارة التي يرتديها الشخص المقابل لك مزودة بكاميرا ولاقط صوتي وأيضا ذاكرة تخزين كبيرة، أيضا سمعنا بمخترعات متناهية الصغر توضع على القميص وتكون مهمتها ليس تسجيل الصوت والصورة بل ونقلها لجهاز آخر. لذا لم تعد كاميرات التجسس وأجهزة التصنت ومعدات تحديد المواقع صالحة في هذا العالم المحمل بالأسرار، فالتقنيات تطورت ووسائل الرصد والمتابعة تبعا لها تطورت لما هو أكثر إبهارا وإذهالا.
الكثيرون يتذكرون حلقات أفلام العميل البريطاني جيمس بوند والذي يرمز له 007 وهو شخصية خيالية لجاسوس بريطاني أبدعها المؤلف إيان فلمنغ في عام 1953، وكنا نشاهد في بداية كل فيلم من أفلامه العديدة أنه يتم تقديم معدات الكترونية وأدوات جاسوسية تساعده على إنجاز مهمته، وتتضمن هذه المعدات أجهزة تصنت ووسائل مساعدة على التسلق ومثبتات على المواقع المرتفعة، بل أجهزة تساعده على الطيران وأخرى تساعده على الغوص والبقاء تحت الماء لأوقات طويلة دون أن يختنق. بعض القنوات مازالت تعيد بث بعض هذه الأفلام حتى اليوم، لكننا وبكل تأكيد عندما نشاهدها نضحك على ما كان بالأمس يذهلنا فقد باتت أمور بدائية في عصر اليوم.
شخصية جيمس بوند، في الحقيقة هي تعيش بيننا وإن كانت شخصية ليست خيالية بل حقيقة تعيش بيننا في عالم اليوم، يمكن أن اسميها «جيمس خان»، مجازا والتي تجمع ما بين رمز الجاسوسية جيمس بوند، وخان الفعل في اللغة العربية من يخون، وأقصد هذا الكم الهائل من العمال الذين يقومون يوميا بالدخول والخروج على كيفهم على مكاتب كبار مسئولينا لتنظيفها منذ الصباح الباكر وقبل وصول أي من الموظفين، وحتى لو وجد أي من موظفي السكرتارية ونحوهم فإنهم على مكاتبهم بينما جيمس خان يصول ويجول في مكتب سعادة المدير العام دون رقيب أو حسيب، فهو يقلب الأوراق وينقلها من مكان لآخر دون أي تشكيك وبكل ثقة في النفس، بل أنه لا داعي حتى للثقة. جيمس خان يستطيع أن يضع يده على أي ورقة بغض النظر عن درجة حساسيتها وأهميتها، ويستطيع أن يبحث بأناة وعلى مهل عن أي معلومة دون خوف أو تردد، فالوقت معه والهدوء يمنحه متسعا من التركيز وحماية من رجال الأمن أو السكيرتي من الخارج تجعله في أمان وطاعة رحمان. يمكن إعطاء جيمس خان أيا من أدوات التجسس الحديثة ليضعها في أمان وبكل هدوء في المكان المناسب، ولتلتقط الأصوات وحتى الصور بجودة راقية. أعتقد أننا اليوم بحاجة فعلية لمراجعة إجراءاتنا بشكل كامل ودقيق، تلك الإجراءات التي تمنع مثل هذا الاختراق المعلوماتي الخطير. وأكرر مطالبتي مجلس الشورى بتبني ما سبق أن طرحناه حول أهمية تأسيس شركات تشغيل وصيانة حكومية على الأقل؛ لتغطية المتطلبات الداخلية من صيانة وتشغيل ونظافة للمؤسسات الحكومية وبأيد سعودية.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|