المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
وعجزنا عن تشغيل إشارة مرورية!!
وعجزنا عن تشغيل إشارة مرورية!!
07-05-2014 05:14

في المملكة هناك أمور تثير العجب خاصة فيما يتعلق باتخاذ القرار حول قضية أو مشروع أو حل اتفقت عليه الغالبية، فبينما هناك توجه ورغبة نحو السعي للعالمية والخروج من عباءة العالم الثالث ومن الدول الأقل نموا وتطورا، إلا أننا نعمل عكس ذلك ونحاول تبطئة الأمور وإدخالها في دهاليز البيروقراطية الإدارية والإهمال والتقاعس في تحمل المسئولية.
سأذكر موقفا يدعو للدهشة والتعجب والاستفهام، فبينما أقوم بدوري تجاه تخصيص مساحة من وقتي للمسؤولية الاجتماعية بادرت بمحاولة المشاركة في الحد من الحوادث في تقاطع الأمير مشعل مع شارع عرقة بالرياض وطلبنا تحسين التقاطع وتركيب إشارة ضوئية.
وبعد جهد جهيد ركبت الإشارة الضوئية منذ قرابة أربعة أشهر، واستبشرت خيرا، إلا أن الإشارة أشبه بخيال المآتة أصبحت غير ضوئية فهي عبارة عن أعمدة إنارة تحمل إشارات ضوئية، لكن لا تعمل حتى اليوم والحوادث مستمرة.
حاولت الاتصال بأمين العاصمة الرياض وكان إيجابيا ووعد خيرا، لكن الإشارة لم تعمل حتى الآن وعاودت الاتصال به، وأفاد بأن الموضوع يخص المرور، وأنه سيسعى مع المرور لتشغيلها، لكنها - حتى الآن - لم تعمل، ثم بدأ جولة من الاتصالات بمدير عام المرور ومدير مرور منطقة الرياض ومدير العمليات وبنائب مدير عام شركة الكهرباء بكافة الطرق والوسائل المتاحة لي وكل واحد منهم يندهش ويتعجب ويوعد خيرا ويتحمس، لكن - للأسف - حتى الآن لا تعمل الإشارة الضوئية ومسلسل الحوادث والخطر مستمر.
أنا لا أشك في وطنيتهم وحرصهم، لكن اليوم مللنا وأحبطنا كمجتمع مدني من ضعف فعالية المسؤول والمؤسسة الحكومية وكأن الرسالة الموجهة لنا هي: «اشغلتونا وكفاية لقافة» وأصبحنا في حيرة من أمرنا.
فنحن أمام شعارات تقول: إن المواطن هو رجل الأمن الأول، وأن على المواطن أن يكون أكثر ايجابية ويساهم في التنمية على الأقل من خلال أدوار المسؤولية الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني التي كانت المحرك والشريك والفاعل في الكثير من الدول المتحضرة ودول العالم الأول، وبين مسؤول ومؤسسة عامة لا تتعامل بجدية وفعالية مع أي مبادرات وخطوات إيجابية تهدف إلى المشاركة والشعور بالمسؤولية الجماعية.
تجربتي خلال الثلاثين سنة من الصحافة والكتابة الصحفية لم تكن محصورة في المقالة أو التحقيق الصحفي، فكان هناك جدول من المسؤوليات الاجتماعية الموازية لإيماني وزملائي بأن المواطنة مسؤولية ودور ومبادرة وفعالية وشراكة ودفاع عن حقوق الناس وإرساء العدل والقانون.
ومع ذلك فقد كانت تجربة فريدة ومميزة وممتعة ومشجعة ومما قلل إحباطنا وشجعنا على المواصلة والاستمرار ما لمسناه وشاهدناه وسمعناه من خادم الحرمين الشريفين، وحرصه وتأكيده على مسؤولي القطاع العام بضرورة التعاون مع كتاب الرأي ومن في حكمهم، وأن على مؤسسات الدولة أن تكون شجاعة وشفافة، وان إحدى ركائز مكافحة الفساد ودعم النزاهة الشفافية، وتطبيق القانون، والحفاظ على حقوق الناس في كل مكان وزمان.
تعرفون لماذا أتعجب لأنني دائما أسأل نفسي وأقول: إذا نحن كتاب الرأي والصحفيين الذين عادة نتصدر المشاهد الثقافي والاجتماعي وندير دفة السلطة الرابعة عجزنا عن حث المسؤول القادر على إطلاق الضوء في إشارة مرورية تحمي الناس، فكيف على المواطن العادي الذي لا يملك مثل هذه الأدوات؟!
اليوم ينفق المليارات على برامج تهدف لرفع مستوى وعي المواطن بحيث يكون شريكا فعالا، وأن يساهم في تنمية بلده، وأن يتحول من الوطنية إلى المواطنة وأن يكون عينا ساهرة.
طيب إذا وصل المواطن إلى ما نصبوا إليه من وعي ومبادرة ومسؤولية وفي المقابل وجد أمامه مؤسسة عامة ومسؤولين وموظفين أقل استيعابا وترحيبا وتقديرا وتحبيطا وفاعلية.
كما يقوم به من أدوار في إطار المسؤولية الاجتماعية والفردية.. فماذا سيفعل؟ ألا تعتقدون أنه مع الوقت سيصبح أكثر سلبية وتتولد لديه أزمة ثقة مع مؤسسات الدولة العامة؟
ربما في هذه الحالة لا بد أن نعيد حساباتنا، ونوجه تلك البرامج التوعوية إلى المؤسسات العامة ومسؤوليها، فهي التي قد تحتاج إلى جرعات مكثفة من الوعي بأهمية المبادرة والتميز والمتابعة والتنسيق والفاعلية.



لقراء المقال من المصدر انقر على الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/News/art/141489.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 311


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
4.03/10 (28 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.