المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
الاستشاري الأجنبي.. سمننا في دقيقهم - 2
الاستشاري الأجنبي.. سمننا في دقيقهم - 2
07-05-2014 05:18

اليوم هوس الاستشاري الاجنبي سيفرغ مؤسساتنا الحكومية من محتواها المعرفي ومن الخبرات التراكمية لأبنائها ومن توطين الخبرات السعودية الاستشارية وترهل وتقاعس الجهاز الاداري عن تحمل المسئولية، فما دام هناك من يفكر عنها بالنيابة ويفصل ويخيط على مزاجه وحسب خبراته وتجاربه وثقافته والاخرون قاعدون يتفرجون في انتظار النتيجة لأنهم في آخر المطاف هم من سيطبق توصياته وهم في نفس الوقت من سيقيمون تلك التوصيات لأنها لم تصدر منهم ولم يكونوا شركاء ولا صانعين لها وكانوا وقتها في حالة من السلبية والمقاومة، وهنا اطلب من الجهات الادارية الرقابية وضع معايير لقياس ذلك من خلال الدراسات الاستطلاعية الميدانية.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما الابتكار والجديد الذي سيقدمه الاستشاري الاجنبي في ظل الانفتاح المعلوماتي؟.. هل سيبتكر طرقا جديدة في علم الادارة او نظريات يطبقها علينا.. ام المبدأ أريح نفسي واجيب استشاري، أو كل الفطير وطير!!.. وهل الاستثمار والوقت الذي استثمرته المملكة في العقول في السنوات الماضية وفي استيراد التقنية والمعرفة لم يؤت أكله وانه كان استثمارا خاسرا ام العكس؟.. أعتقد الاجابة متروكة للقارئ، يجب ان نفرق بين جلب المعرفة وتوطينها من خلال الشراكة العالمية بمشاركة المواطن وبتدريبه ورفع مستواه وبين التلاعب بالمعلومة والمحتوى المعرفي وتقديمه في مجلدات من الورق والسيديات وبعدين الميدان يا حميدان وكل واحد يشوف طريقه.
اليوم هناك من هم في مناصب تنفيذيه عليا أصبح الواحد منهم زي تاجر الشنطة يتنقل بين الشركات وكل يوم في عاصمة أوروبية أو أمريكية يسوق لهذه الشركات باسم الدولة وإذا حضر اجتماعا او لقاء تجده شخصية مخطوفة ذهنيا ومتعلقا بتلك البيوت العالمية كتعلق الطفل بأمه، وأعتقد لن تجد تلك الشركات أفضل من هؤلاء إخلاصا وتسويقا لعملها والجميع يعرف المقابل اذ لم يكن ماديا فهو قبل كل شيء خسارة للبلد واستنزاف لمقدراتها. وإذا كنا في يوم من الأيام نعاني من عقدة الخواجه فماذا نسمي هذه العقدة؟!
اليوم الدول تشدد على سرية المعلومات ووضعت العقوبات الرادعة لاحترامها.. واذا اراد باحث من داخل الوطن ان يعمل بحثا حتى وان كان لغرض مهني او حكومي داخ السبع دوخات من كثر التحذيرات من تسرب المعلومات او أن تقع في أيد مستغلة او حاقدة او مستثمرة، بينما في المقابل تلك المعلومات مستباحة امام الاستشاري فنحن مكشوفون بالنسبة لهم وجميع خططنا واستراتيجياتنا بيدهم سواء للاستهلاك الاستشاري أو غيره علما بان هذا المحتوى قد يشكل خطرا امنيا أو اجتماعيا في حين نعرف اليوم ما يسمى بالثورة المعلوماتية وإدارة المحتوى، وان أغلب الشركات اذا لم تستخدمها لاغراض استخباراتية وتبيعها على مستفيد ثان فإنه بدون شك سيعتبر ذلك كنزا من المعلومات لعرض الدراسات الاقتصادية والاجتماعية... إلخ. وإعادة بيعها مرة اخرى علينا او على غيرنا، واليوم لا تحتاج أي دولة لأن تتعب نفسها في الحصول على أي معلومة ولأي غرض من أي دولة اخرى ما دام مندوبو الشركات الاجنبية موجودين ويحظون بالثقة والامتيازات وتفتح لهم الأبواب مشرعة.
أكثر من ثلاثين عاما ظهر ما يسمى الدراسات والابحاث أو العلاج من منظور ثقافي وهذا الاتجاه أثبت ان المنظور الثقافي والمعرفي للمجتمعات هو ما يحقق النجاحات وليس المنظور المستقدم والمبني في الاصل على ثقافات أخرى فكل مجتمع لديه عادات وقيم واعراف تختلف عن المجتمع الاخرى، واذا اردنا ان نطور أي مجتمع ونحسن من مستوى معيشته وتزيد من انتاجيته فلابد من دراسة ميكانزمات التفاعل والتفكير والسلوك داخل هذا المجتمع لأن العنصر المهم هو العنصر البشري لقيادة التغيير واذا لم نعتن بهذا العنصر ونجعله شريكا معرفيا ومبادرا ونفهم كيف يفكر ويعتقد فإنه بالتالي سيكون شخصية سلبية مقاومة للتغيير، وأعتقد ان المستشار الاجنبي مهما وصل علمه فهو نتاج جينات وثقافات مختلفة عن ثقافتنا، فنتيجة استشارته ومدى عمليتها ومنطقيتها في ثقافته سيكون بدون شك أفضل من مفعولها في ثقافتنا.

لقراءة المقال من المصدر انقر على الرابط التالي:
http://www.alyaum.com/News/art/147099.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 368


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
5.37/10 (26 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.