الأمن الاجتماعي
12-28-2011 06:20



د. عبد الله الحريري

لماذا تخلى المواطن عن حماية أمنه ومصالحه بعد 15 يوماً وهو هائم في شوارع الرياض؟ هذا هو عنوان خبر في صحيفة الرياض عن الأب الذي أتى من منطقة خارج الرياض لحضور زفاف أحد أقاربه وعندما خرج من استراحة الزواج تاه ولم يستطع العودة مرة ثانية إلى الاستراحة وما إلى ذلك حتى فقد الوعي والناس تذهب وتجيء من حوله ولا أحد يحرك ساكنا .. حتى أتى أحد الصحافيين واتصل بمدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة الرياض ونقلوه واطمأنوا على صحته وقدموا له الرعاية وأوصلوه إلى أهله وهو في كامل قواه العقلية، ولولا الله ثم ذلك الصحافي لترك ذلك الإنسان دون أي سؤال أو حتى حب استطلاع من الجهات الرسمية والمجتمع.
محمد بن راشد آل مكتوم في كتابه "رؤيتي" يقول إن دبي آمن مدينة في العالم ويقول عندنا شرطة مثل كل دول العالم ولكن وجودها ليس الأساسي في شيوع هذا المستوى المرتفع من الأمن والطمأنينة بل يقول إن المحك الأساسي في الأمن هو الشعب فهم رجال شرطة وحماة الأمن لهم في وطنهم مصالح ومنافع لذا نجدهم يحرسون مصالحهم ومصالح أسرهم ويسهرون على رعايتها ولا يريدون أن يلحق بهذه المصالح أي أذى.
أقول إن تائه الرياض مؤشر خطير على مفهوم الأمن الشامل ومنه الأمن الاجتماعي وكما يبدو أن التراخي في ممارسة ذلك المفهوم ساعد كثيرا في انتشار الكثير من السلوكيات المضادة للمجتمع كالسرقة المستفحلة للسيارات والممتلكات والاعتداءات على سبيل المثال, إلى جانب الإرهاب فأولئك بدون أدنى شك لو لم يجدوا تعاطفا أو تراخيا أو عدم شعور بالمسؤولية الاجتماعية لما استطاعوا أن يسرقوا ويمرحوا في البلد فهم من هذا المجتمع ولم يأتوا من كوكب آخر.
لماذا تراخى أو تخلى المواطن والمقيم عن حماية أمنه ومصالحه وأحال تلك المسؤولية إلى الجهات الأمنية؟ ألا تعتقدون أن هذا سؤال يحتاج إلى إجابة بعد مراجعة سريعة لأساسيات مفاهيم الناس ومعتقداتهم تجاه الأمن الشامل وما هو دورهم في الحماية الوطنية والاجتماعية؟ وهل سنعيش بالمتاريس على أجهزتنا الحكومية والخاصة وننتظر في وضع دفاعي عبث أي عابث بأمننا النفسي والاجتماعي والغذائي والصحي والفكري .. إلخ، ألا تعتقدون أننا بحاجة إلى تعزيز مفهوم المصلحة كدافع نحو تحفيز الناس وإفاقتهم بأن لوطنهم مصالح ومنافع وحاضرا ومستقبلا بدلاً عن السلوك المتفرج الأبله ونخرج سريعا من الإطار السلبي الذي يكرس سلوك وفكر انفلات التكافل الاجتماعي والشبكة الاجتماعية الحميمة المترابطة التي لها مرجعية دينية واجتماعية نابعة أيضا من تقاليد وشهامة وأعراف ساكني شبه الجزيرة العربية؟
سبحان الله يا بلد ويا مجتمع عندما يتوه أحد أبنائنا لأكثر من نصف شهر والناس تسير من حوله ولا أحد يسأله حتى لمجرد السؤال عن حاله ويقدم له الأكل والشرب, إذا كان هذا مستوى توهان المجتمع فأي عابث سينعم بعبثه.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 367


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (11 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.