الأمور لا تعطى ولكن تؤخذ
12-28-2011 06:25
د. عبد الله الحريري
من كثر تعظيم المناصب والسعي وراءها ترسخ لدى قاعدة كبيرة من الناس أنها تشريف أكثر من كونها تكليفا، وواكب ذلك تبني الكثير من الوزراء والمديرين قاعدة معرفية أيضا تقوم على فكرة أن من يسعى وراء المنصب أيضا شخص يجب ألا يُنصب ويدور حوله الكثير من التساؤلات والشكوك وعندما تحلل كتلا من الفكرتين تجد أنها كونت لدى أولئك بناء معرفيا خاطئا ومعتقدات غير منطقية، فالمنطق والعقل يقولا إن المنصب تكليف ومسؤولية اجتماعية وفي ضوء ذلك فإن من يعتلي المنصب يتوقع منه الكثير لخدمة الناس ورفع وتطوير قدراتهم وتحقيق مستويات متقدمة من الإنتاجية للمؤسسة التي يديرها، وطبعاً الواقع والمنطق يقولان إن تلك المخرجات لسلوك وقدرات ذلك المدير لن تكون واقعية أو منطقية إذا لم يتمتع بكفاءة واستبصار وقدرة إدارية وقيادية وسيسقط من هو عكس ذلك أمام المجتمع، والفكرة الثانية تسعى لنكران الذات وتربطها بالفكرة الاجتماعية السائدة عن الأنانية وتهمل موضوع الشخصية التوكيدية التي تدعم الحقوق الذاتية، وأن من حق كل إنسان أن يعبر عن نفسه وقدراته وإمكانياته ما دام يملك ذلك، مما أدى بالكثير من الكفاءات لعدم عرض أنفسهم والإسهام في بناء الوطن كحق من حقوق المواطنة الصالحة بل أصبحوا يعملون في الظل ويعيشون بإحباطاتهم خوفاً من أن تقع العين عليهم ويمارس عليهم ألوان من الضغوط الإدارية والاجتماعية ، وفي كلتا الفكرتين السابقتين فمن الطبيعي أن يكون البقاء للساعين وراء المناصب من ذوي الكفاءات الضعيفة فكراً وسلوكاً وثقافة .
ولقد رفع من روحي المعنوية كما اعتدنا ما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من فكر مستنير وحكمة عندما سمعت لقاء في إحدى المحطات الفضائية الخليجية لسمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد مساعد رئيس الاستخبارات العامة، وهو يروي تجاربه مع خادم الحرمين الشريفين عندما قال له وهو يترشح لمنصب في الحرس الوطني ما معناه "يا فيصل الأمور لا تعطي ولكن تؤخذ" وارتحت كثيرت وقلت لنفسي الدنيا بخير، وأضيف أن الصلاحيات تؤخذ ولا تعطى وهذه قواعد القيادة بين الناجحين الذين يتمتعون بكفاءة وقدرات عالية وثقة بالنفس من أجل توظيف تلك الأمور لصالح خدمة عامة الناس، وهؤلاء هم أعداء البيروقراطية والمركزية ما دام الناس مرتاحين، وأن لا خوف ولا إحباط مع ملك يؤمن بمثل تلك المبادئ الإنسانية .
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|