الجحيم أنت الآخر
12-28-2011 06:32
د. عبد الله الحريري
من الأشياء التي تزعجنا أثناء تعاملنا مع الآخر كل صنوف وألوان الازدواجية وعدم الوضوح والسلبية، إضافة إلى العدوانية التي تتخذ عدة أشكال أعظمها العدوانية السلبية وهي مزيج فريد من العدوانية والسلبية يكون أداء الأشخاص المصابين بها عبر الوسائل غير المباشرة سواء كانت إنترنت أو شائعات المهم أن الهدف السلوكي والفكري لهم إيقاع أكبر ضرر بالأشخاص وبسمعتهم ومحاولة تدمير حياتهم من خلف الكواليس.
هؤلاء الأشخاص المضطربون فكريا وسلوكيا لديهم مشكلة دائمة مع الآخر، فالآخر بالنسبة لهم هو الجحيم وهم الجنة، والآخر هو الشر وهم الخير، والآخر هو المذنب أما هم فليسوا مذنبين، والآخر هو المشكوك في سلوكياته وأفكاره ونياته أما هم فهم الجديرون بالثقة وهكذا وعلى هذا المنوال يعتبر الآخر بالنسبة لهم مصدرا من مصادر الإزعاج والتهديد وعدم الشعور بالأمان في كل ما يقوم به من أعمال، وفي ضوء ذلك يكون قرارهم الفكري والسلوكي هو الإطاحة بذلك الآخر بأي وسيلة إلى درجة أنه يجب ألا يعيش على نفس الكوكب الذي يعيشون فيه وقد تتطور الحالة لدى بعض الأشخاص إلى درجة صراع مع ذاته كونها الآخر مما يؤدي إلى الاكتئاب الحاد ومحاولة التخلص من تلك الذات بالانتحار.
المهم هنا أن علماء العلاج النفسي السلوكي – المعرفي عندما درسوا تلك الشخصيات توصلوا إلى أن أولئك الأشخاص يعانون انخفاض مستوى التوكيدية لديهم أي أن لديهم مشكلة في التعبير المناسب عن أي انفعال أو قلق نحو الآخر، والتعبير عن المشاعر الإيجابية والسلبية بطريقة عادلة ومتوازنة كما أن لديهم مشكلة في القدرة على المبادأة والاستمرار في التفاعلات الاجتماعية والتعبير عن وجدانهم ومشاعرهم بطريقة غير مؤذية للآخرين أو فيها انتهاك لحقوق الغير.
ومما يلفت الانتباه أيضا أن من يعانون انخفاض مستوى التوكيدية يعانون أيضا صعوبة التعبير عن المشاعر الذاتية والخشية من مواجهة الآخرين وانخفاض إيمانهم بحقوقهم وفي أغلب المراحل عدم الاعتراف بها إلى درجة نشوء مشكلات لديهم ذات طابع اجتماعي وثقافي، وحين يعاني مجتمع أو مجموعة كبيرة من الأفراد تدني مستوى التوكيدية لديهم يتدنى في المقابل احترام حقوق الإنسان ويتفشى الفساد الاجتماعي وتزداد التبعية العمياء وتقل فرص الناس المبدعين.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|