الجمهور عاوز كده
12-28-2011 06:33



د. عبد الله الحريري
أتيحت لي الفرصة أن أكون أحد شهود العيان منذ أسابيع والاطلاع على الهواء مباشرة على عينات من التفاعلات الاجتماعية بمكتب الأستاذ زيد التميمي مدير عام الإدارة العامة للأحوال المدنية بمنطقة الرياض, ونحن نعرف أن من يذهب للمدير العام فهو في أزمة ويريد حلا أو استثناء، وكانت العينات التي شاهدتها عجيبة وغريبة، وتعكس كثيرا من التراخي في إدارة الحياة وضعف الشعور بالمسؤولية، فمثلا هناك من يأتي ويحصل على بطاقة أحوال لأن تاريخ اليوم نفسه رقم مميز، وآخرون يستعجلون بعد الساعة التاسعة صباحا ليوم الأربعاء ويريدون أن يتسلموا بطاقتهم بأي طريقة كانت في اليوم نفسه، لأنهم مسافرون، وآخرون ينسون أوراقا مهمة ويريدون من المدير أن يحل لهم مشكلتهم وغيرها من الأمور.
المهم في الموضوع أن أولئك البشر يعدون عدم تنفيذ رغباتهم تقصيرا أو تعقيدا وقمة التشدد، بينما نجد بالمقابل أن إدارة مثل أحوال الرياض تخدم الملايين وتنتج ما يقرب من 400 بطاقة أحوال جديدة، ناهيك عن بدل الفاقد ودفتر العائلة والإضافات وغيرها من الأمور، وهذا يعد مقياسا رائعا للإنتاجية على إمكاناتها المتاحة، ومثل تلك الإدارات التي لا بد أن يمر بها كل مواطن عندما تنتج هذا الكم لمستندات ذات حساسية وأهمية كون الخطأ في البيانات يعد مشكلة بحد ذاته, لا بد أن تحترم وأن نساندها كمواطنين بأنفسنا وبالدخول على موقعها الإلكتروني لمعرفة الشروط ونسخ الاستمارات وتعبئتها من أجل أن نساعدها على الأداء وعدم إرهاق موظفيها بأمور قد تحد من إنتاجيتهم وتشوشهم، ولو أن أغلب الإدارات في المملكة أتيح لنا قياس إنتاجيتها مثل ما يحدث في الأحوال على سبيل المثال وليس الحصر لأمكننا تقييم أداء كثير من مؤسسات الدولة وإنتاجيتها.
وفي ضوء ذلك يلوح في ذهني سؤال محير: هل نحن نُسقط عدم تنظيمنا الشخصي لشؤوننا الحياتية وإهمالنا وسوء إدارتنا للحياة على جهازنا الحكومي، وهل الفساد الإداري وضعف الإنتاجية للجهاز الحكومي نتيجة أو مرآة تعكس سلوكيات المجتمع وأنماط حياته؟
أعتقد أن محاولة إصلاح أي جهاز حكومي لا بد أن تنبع من المجتمع وليس من الجهاز نفسه، فالمجتمع هو الذي يقود التغيير للأفضل وهو أيضا من يدمر أي إصلاح أو تنظيم في أي مؤسسة لأننا إذا مشينا حسب "الجمهور عاوز كده" فلن يكون هناك إصلاح أو تطوير فاختلاف الأذواق والأفكار والرغبات والثقافات إذا تم الخضوع له في أي نظام إداري فسيؤدي إلى تشتته وتدميره من الداخل وقد يتطلب إنقاذه هدر كثير من الموارد.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 358


خدمات المحتوى


تقييم
1.00/10 (9 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.