الحب الكبير
12-28-2011 06:46
د. عبد الله الحريري
العلماء والمفكرون عندما يدرسون المفاهيم الإنسانية والسلوك البشري فإنهم ينظرون إليه من زوايا عديدة من أجل المزيد من الفهم، وعندما درسوا الحب وجدوا أنه أوسع من مجرد علاقة بين المرأة والرجل وهو بوسع الكون كله، فالحب علاقة، وعندما نتناوله من زوايا العلاقة بين البشر وعلاقته بالصداقة فعادة ما يقولون إن الحب صداقة، إذ إنه يستوعب كل مكونات الصداقة ولكنه يزيد عليها بعدة خصائص، منها الشغف والعناية، وهناك خصائص أخرى مشتركة بين الحب والصداقة كالاستمتاع برفقة الطرف الآخر وتقبله والثقة، وحرص كل واحد على مصالح الآخر والاحترام والمساعدة المتبادلة والنجدة عند الحاجة، بحيث يشعر كل طرف من أركان العلاقة بأنه لا يتصنع وأنه على طبيعته إضافة إلى الإفصاح عن الخبرات والمشاعر.
والافتتان في الحب، كما ذكره الدكتور أسامة سعد، يعني ميل المحبين إلى الانتباه إلى المحبوب والانشغال به، مع الرغبة في إدامة النظر إليه والتأمل فيه والحديث معه والبقاء بجواره، وأيضا التميز والرغبة في الالتزام والإخلاص له، وتقديم أقصى ما يمكنه عندما يشعر بحاجة إليه والدفاع عنه ومناصرته والدفاع عن مصالحه.
إن آيات الحب والآيات التي تدعو إلى الحب واستخدام الحب بديلاً عن الكره أكثر بكثير من آيات فيها إشارة إلى كلمة كره، لأن الله هو فاطر الحب في النفوس، ورسله وأنبياؤه أحباؤنا وآخرهم الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ولو أن البشر وبالذات في علاقاتهم الخاصة والعامة التزموا بمعتقدات الإسلام والسيرة النبوية لتحابوا، ولما كان هناك حقد وحسد وكره وعدوان ومحاكم وقتل، ولتحول الحب إلى عمل مشترك بناءً يسعى إلى ما يريده الله منا كخلفاء في هذه الدنيا.
ولو أن القاتل أو من يمارس سبل القهر والظلم والعدوان والحقد على زوجه وعياله وأصدقائه وزملائه ومجتمعه أحب رسول الله وسيرته لما فعل ذلك، ولما جعل الكره يتمكن منه ليحرق مشاعره وأحاسيسه، ولما جعل الانتصار على الآخرين وتحديهم غير المشروع وإيذاءهم وقذفهم والوشاية بهم وإشاعة الشائعات إحدى أولى أولوياته أو شغله الشاغل.
إذا كنا نحب رسول الله فعلاً وعملاً واعتقاداً، وليس شعارات، يجب أن نراجع سلوكياتنا وما فعلنا بالآخرين ونعيد علاقة الحب بيننا وبينهم فعلياً فهذا اضعف الإيمان.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|