" الحب والانتحار "
12-28-2011 06:48
د. عبد الله الحريري
" ومن الحب ما قتل " مقولة أصبحت رائجة الآن في ظل الصراعات والإحباطات العاطفية التي تصل ببعض البنات إلى محاولة الانتحار وقد لفت انتباهي أن الفتاة وهي تحكي قصتها تكون في حالة من الذهول والاكتئاب والحزن الشديد وكأنها فقدت عزيزا عليها على الرغم من قناعتها الداخلية ومن خلال النقاش العقلاني الانفعالي.. وهو إحدى تقنيات العلاج النفسي.. أن موضوع العلاقة ينتابه الكثير من الشكوك وعدم المصداقية وأن النتائج المتوقعة لهذه العلاقة شبه محسومة مسبقاً بألا تكون هناك نهاية سعيدة بالزواج .
ما يثير التساؤل هل ما تعتقده غالبية الفتيات هو حب ؟ أم مجرد إشباع فراغ عاطفي ؟ نتيجة خلل في تزويد الأسرة بالطاقة العاطفية لأبنائها ووجود اعتقادات خاطئة لدى الأسرة بأن العاطفة تأتي من خلال الإغراق المادي وتوفير الأكل، الشرب، الملابس، السيارات، والكماليات ، ومن هذا المنطلق فإن كثرة المعتقدات الخاطئة لدى الفتاة والأسرة ساهمت بشكل واضح في وقوع الكثير من المشاكل في غياب دور الأسرة ، ومع أن الحب هو نوع من الشغف والافتتان بالمحبوب ونوع من الكيمياء بين البشر وتعبيرات جسدية، نفسية ومعرفية فإن تلك المقومات لا يمكن توافرها في العلاقة غير المشروعة ما يجعلنا نستبعد الحب من تلك العلاقات وأن ما يحدث هو خلل عاطفي ناتج من عدم إشباع عاطفي وفكري من المصدر الأساسي للإنسان وهو الأسرة وبالتالي فلفظ الحب أصبح مستهلكاً لدرجة أنه أخذ طابع العمومية والشمول كحب الإنسان لأي شيء في حاجة إليه كالأكل، النوم، الأب، الأم، الإخوة، والأصدقاء ... إلخ وهذه النتيجة تجعلنا بحاجة ماسة إلى أن ندرك أن العلاقات قد يشكل الحب منها نسبة ضئيلة وما تبقى هو تعويض عن حاجات ومطالب مفقودة أو غير مشبعة في حياة الفتاة وأهملت مع الزمن حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، وهنا نحتاج إلى إعداد برامج سلوكية ومعرفية تركز على معالجة تلك المعتقدات الخاطئة حول مفهوم الحب والعلاقات الأخرى كالصداقة، الزمالة والشراكة لحماية الناس بالذات الفتيات من اللجوء إلى العلاقة كحل لمشكلات عاطفية تعاني منها، ومن التجارب العيادية اتضح أن غالبية من تزوجوا نتيجة ما يسمي بالحب قبل الزواج في مجتمعنا لم تستمر علاقتهم الزوجية لأن الزواج بمتغيراته المختلفة كونه واقعا عقلانيا انفعاليا يلامس التفكير والسلوك والقيم الحقيقية لواقع الحياة لم يستوعب خلل العاطفة فكان الرفض المشكلات الزوجية والطلاق .
وعندما تصل الفتاة إلى مرحلة محاولة الانتحار والاكتئاب الشديد من علاقة كتلك فإن هذا مؤشر واضح على أن تلك العلاقة أدت إلى خلل واضح في تقدير الذات وأن العملية ليس حبا فليس الحب بهذه الطريقة .
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|