الخدمة اللامدنية
12-28-2011 06:50




د. عبد الله الحريري

أنا أستغرب كثيرا من معارضي التجديد في الأنظمة والقوانين بما يخدم مصالح المجتمع بخاصة عندما يكونون في مجلس الشورى الذي يعتبر مجلسا تشاوريا يمثل المجتمع ويفترض أن يعبر عن الإرادة الاجتماعية.
ومحور الاستغراب عندما يطرح أحد أعضاء المجلس مشروعا كمشروع السماح لموظفي الدولة بمزاولة الأعمال المهنية والتجارية كونه يهم شريحة كبيرة من أبناء هذا الوطن وهم الموظفون وهم الشريحة الكبرى من المواطنين المؤهلين.
وعندما لا تتفق القوانين مع الواقع والعقل والمنطق فإنها لا تجد البيئة المناسبة للتنفيذ وهذا ما ينطبق على قوانين وأنظمة الخدمة المدنية التي عفا عليها الدهر، والتي أعدت لمرحلة زمنية وظروف اجتماعية واقتصادية كانت في وقتها مناسبة أما الآن فقد تغيرت الظروف والأحوال.
لقد تطرق اللواء إبراهيم الميمان عضو مجلس الشورى في مشروعه إلى قضية مهمة شغلت المواطن والدولة وجندت لها الدولة أجهزة للرقابة والمتابعة وفتحت مجالا للشكوى الكيدية والضرب في الناس المجتهدين والطموحين، وهى قضية اجتماعية قانونية وشرعية غاية في الأهمية، حيث الكثير من المواطنين يلفون ويدورون على تلك المادة من نظام الخدمة المدنية وساعدت على التستر وخداع القوانين، مما اضطر الناس الموظفين الحكوميين أن يسجلوا أعمالهم التجارية بأسماء أقاربهم أو معارفهم وترتب على ذلك الكثير من القضايا الشرعية والقانونية وأصبحت جهات الرقابة وعلى رأسها المباحث الإدارية تطارد وتشغل نفسها بالناس الباحثين عن تحسين دخلهم وتترك قضايا وأمورا أهم تهم الأمن الاجتماعي.
ومن غير المنطقي أن تعمل القوانين التي تستعملها الدولة ضد مصالح المواطنين وتأخذ بباب سد الذرائع لقضية كقضية عمل الموظف التي تعلم الدولة علم اليقين أن تلك القوانين غير مطبقة ويلتف حولها الناس، بل جعلت الدولة تضع قوانين موازية للحد من اختراقها ولم تجد مثل تلك المساعي علي سبيل المثال قوانين التستر، إلى جانب ما قد يدفع الناس للبحث عن بدائل لتحسين دخلهم كاللجوء للرشوة والعمولات ونحوها.
في الحقيقة نحن محتارون حول مثل تلك التناقضات فما الذي يضير الدولة إذا سمحت للمواطن الموظف أن يزاول الأعمال المهنية والتجارية خارج وقت الدوام الرسمي، وما هو المنطق والعقل من مطاردته عندما ينجز عمله ويرغب في تحسين دخله ويعيش حياة كريمة ولماذا لا يتاح للبلد الاستفادة من خبرات مواطنيه المتدربين والمتعلمين بدلا من اللجوء للخبرات الوافدة وخاصة في الكثير من الأعمال المهنية والحرفية والعلمية، خاصة ونحن نعلم أن ما يزيد على 60 في المائة من تجارة التجزئة يديرها وافدون.
لماذا لا ينظر المشرعون في مجلس الشورى إلى الكم الهائل من الفوائد الإيجابية لقرار السماح بدلا من التركيز على بعض الجوانب السلبية التي من الممكن السيطرة عليها بأنظمة تنظمها بدلا من عدم مواجهتها والهروب منها بقوانين وأنظمة غير منطقية وواقعية وتشجع الناس على التحايل.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 366


خدمات المحتوى


تقييم
1.00/10 (9 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.