الدجاجة الصقعاء
12-28-2011 06:53
د. عبد الله الحريري
هناك مصطلحات قد لا نجدها في علم السلوك الإداري عن وصف الشخصيات الإدارية وأيضا قد لا تكون معروفة في علم السلوك البشري وتستخدمها المجتمعات لوصف سلوك الأشخاص وهي نوع من الوصف أو الأمثال الاجتماعية، ومن تلك الوصفات التي توصف الشخص السلبي الخانع الذي يسير في الظلام الخائف من المواجهة والذي عادة ما يتردد ويضع ألف حساب لأشياء لا تحتاج إلى حساب والجمع والطرح ويوصف بالشخص الماشي دائما جنب الجدران وتتولد لديه اعتقادات انسحابية في ضوء من ذل سلم أو من خاف سلم، والكثير من المعتقدات المعرفية السلوكية الأخرى التي تدور ضمن دائرة الخوف والقلق والريبة، ويسمى في العامية أيضا "الدجاجة الصقعاء" أي كما ذكر لي بعض كبار السن "الدجاجة التي لا تبيض ولا يمكن الاستفادة من لحمها وتترك لكي تعيش رأفة بها".
لقد أعجبني كثيرا وصف الدجاجة الصقعاء للأشخاص الذين لا يهشون ولا ينشون فاقدي السلوك التوكيدي الذي يمثل الثقة بالنفس وبقدر كبير من تقدير الذات وتخيلت في ضوء ذلك الكثيرين من الإداريين الذين أشبه بهذا الوصف والذين هم يتربعون على كراسي يتحوطها الخوف من أسفلها وأعلاها ومن حولها، وقلت لنفسي: كيف لنا أن نطور ونستبق الأحداث ونتقدم إلى الأمام ونصارع بإيجابية الشعوب المتقدمة بمثل هؤلاء. وكيف لنا أن نخرج من الظلام إلى النور ونتحدى الأمم بالعلم والأفكار النيّرة والإبداع ومن يتحكم في غالبية مؤسساتنا من تلك الشخصيات، التي مع الوقت أصبحت تبني لنفسها سلوكا يعود بمؤسساتنا إلى الوراء ويكبح طموح وجماح الكثير من الكفاءات الواثقة من إمكاناتها وقدراتها.
أعتقد أن من أحد الأسباب التي أسهمت في تشكيل سلوك تلك الشخصيات عدم ثقتها بإمكاناتها وأن الحظ والترشح والتزكيات الشخصية هي من خدمتها وجعلت منها شخصيات تنسج حولها بيئة من المتغيرات والدفاعات والإغراق في البيروقراطيات الإدارية لتكون خطوط دفاعية تحقق لها الحماية، وكثيرا ما تكون ردود فعلها تجاه الأحداث أو عمليات النقد كارثية فمن الصعب عليه أن يتحمل نقد الصحافة أو أي نقد للمؤسسة أو الإدارة أو القسم الذي يرأسه، وسيحاول بكل ما أوتي من قوة أن يتحول من شخصية سلبية غير توكيدية إلى عدواني، ولكن ليس بالطرق المباشرة وهو ما يسمى في علم النفس السلوكي – المعرفي الشخصية السلبية العدوانية وهي من أخطر الشخصيات إيذاء ولسعته تودي بخصومه إلى القبر وهو ما يسمى في اللغات الأخرى "الرجل الحية"، المهم أن يخرج من مخاوفه كحل أمثل للمزيد من السلبية واتخاذ زاوية مؤقتة ولكن ضمن دائرة القلق التي صنعها لنفسه.
ومما يقلق عندما يتولى مثل أولئك أي قيادة أن يخلق بيئة جديدة تجعل الموارد البشرية والمالية والإمكانات لا جدوى لها وتراوح مكانها وقد أطلق بعض العلماء على مثل تلك الأماكن إما بيوت الخوف أو مؤسسات الخوف أي أنها مؤسسات تصبح مع الوقت بيئة مريضة وتصدر المرض للمجتمع وتجعل من أعضائها فئات أكثر إحباطا.
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|