الصدق دليل النزاهة
12-28-2011 06:59



د. عبد الله الحريري
كثيرا ما أكد خادم الحرمين الشريفين على الصدق ثم الصدق في أكثر من موقف، وأيضا جميع التعاليم والقيم الدينية والإنسانية تؤكد على الصدق ولا تنازل عن لماذا؟
لنبدأ من تعريف الصدق وهو مطابقة القول للواقع، وفي ضوء ذلك فهذا يعني إدراكا ومقابلة سلوك، فالإنسان عندما يتناقض أو يختلف إدراكه عن سلوكه يعيش أزمة من الثقة والصراع الذي لن يجد في نهايته أي طعم أو سعادة للحياة.
والذي لا يصدق هو من يعيش المشكلات النفسية والاجتماعية والقيمية لأنه يعرف في داخله أنه غير صادق وأول من يكذب عليهم هو نفسه. فالحوار الداخلي لديه سيكون مليئا بالشعور بالذنب وتأنيب الضمير فهو أول من يعرف الحقيقة ولكنه يخفيها ويعيش في ضوء ذلك أزمة من المفاهيم التي يؤمن بها ولكنه لا يطبقها قولا وفعلا.
الدراسات النفسية كافة تؤكد على أن الشخصية غير الصادقة شخصية تعاني الكثير من المشكلات والتناقضات المعرفية والسلوكية والنقص الواضح في المهارات الاجتماعية التوكيدية، فالشخصية غير التوكيدية هي الشخصية التي لا تستطيع التعبير بصراحة وصدق وتتميز بانخفاض الثقة بالنفس وعدم القدرة على مواجهة أي مواقف خارجية، إضافة إلى عدم القدرة على الدفاع أو عن الحقوق المشروعة والخجل والتردد في بدء الحديث مع الآخرين وكذلك ضعف القدرة على الدفاع عن وجهة النظر والتعبير عنها، وهناك من يعاني من الانزواء وعدم المشاركة في أي حوار أو أية أنشطة اجتماعية.
المشكلة قد تتطور وتصبح اضطرابا في نمط وسمات الشخصية عندما يعتاد الشخص على الكذب ويصدقه ويتبناه على أنه حقيقة وهذا النوع من الضلالات المرضية معروفة في أغلب كتب التشخيص المرضية.
المهم هنا بعد هذا التحليل أين نحن من خريطة الصدق ولماذا نعمل دائما على تبني قضايا وأفعال نحن نعرف في قراره أنفسنا أنها لا تمت للصدق بصلة؟ وهل أصبحنا نمتهن الكذب على حساب الصدق من أجل القبول الاجتماعي على حساب فقدان ذواتنا.
لماذا نخاف من الصدق مع أنفسنا ثم مع الآخرين في أمور يجب أن نصدق فيها ثم نجد أنفسنا مندفعين للتخلي عن هذا الخوف عندما نريد أن نؤذي الآخرين ونصب غضبنا وعداوتنا عليهم ونكذب على أنفسنا عليهم لمجرد الإيذاء والتنفيس عن غضبنا.
إن حماية النزاهة ومكافحة الفساد تستلزم برامج إصلاحية شاملة محورها الصدق في القول والعمل والمسؤولية ولا يمكن أن يكون الإصلاح مؤسساتي تقدر ما هو فردي وشامل جميع أفراد المجتمع فالأب والأم، الذي يكذب أحدهما سيكون النواة لسلسلة من الأكاذيب تبدأ بالأسرة وتنتهي بالمجتمع ومؤسساته على حساب الأمانة والمسؤولية الجماعية.
قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين". وقال تعالى "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ". وقوله "والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون"، وقوله "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا".
وأخيرا لنصدق مع أنفسنا ونتساءل هل نحن صادقون مع الله ثم مع أنفسنا والناس في كل أمور حياتنا؟

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 342


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (10 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.