العاطلون عن العمل الإيجابيون
12-28-2011 07:00
د. عبد الله الحريري
استكمالا لحوارنا الأسبوع الماضي حول الأسعار وضرورة إعادة النظر في تجار التضخم المتخفين تحت ستار الوكلاء والتوزيع أصبحت السوق تعيش فوضى لا مثيل لها من قبل وعدنا على ما قبل 20 عاما بأساليب مختلفة من التستر واستحواذ الوافدين على أكبر نسبة من تجارة البلد الصغيرة وخاصة تجارة التجزئة.
قطاعات الدولة التنفيذية والرقابية تعلم أن وجود السعوديين في تجارة التجزئة كممارسين قد لا يتعدى 2 في المائة, وهذه النسبة لمن يملك تلك التجارة أو المسجلة بأسمائهم, وإذا خرجت إلى أرض الواقع ستجد أن من يملك ويدير من غير المُلاك تلك التجارة، بل إن الموزعين قد لا تجد فيهم سعوديا واحدا في بعض الأنشطة كمواد البناء والتشييد, وفي المقابل نجد أن نسبة العاطلين عن العمل تراوح محلها حسب الزيادة في النمو السكاني.
إننا عندما نهمل الجانب الاجتماعي للاقتصاد فإن ذلك سيقود المجتمع إلى المزيد من الفوضى والإحباط.. وكما حدث في أغلب المجتمعات, فالمنظور الاجتماعي للاقتصاد مهم في استقرار الشعوب وليس من الحكمة التمسك بنظريات وخبرات اقتصادية لشعوب على أنها مسلمات ويجب أن تطبق في مجتمع كمجتمعنا الذي له خصوصية فيما يتعلق بثقافة العمل والإنتاجية, ويجب أن تكون المؤشرات الاجتماعية السلبية كالعدوان والسرقة وازدياد المودعين في السجون من أحد المؤشرات الاجتماعية التي يجب ألا تهمل لتصبح ظواهر, وإذا وقعت الفأس في الرأس انتفضنا لنبحث عن حلول. لنعود ونؤكد أهمية الجانب الاقتصادي في إحداث الكثير من المتغيرات الاجتماعية ومن ثم أهمية الرقابة على هذا الجانب ومحاولة إحكام عمليات وإجراءات العمل به, ومن أهم تلك الإجراءات بعد النظم والتنظيمات والقوانين عملية التطبيق والتأكد من سير الأمور على أرض الواقع, وهو ما لوحظ القصور فيه من قبل الأجهزة التنفيذية كالوزارات المعنية بالسلع والخدمات وأيضا الأجهزة الرقابية.
ولعل أحد الأسباب الرئيسة التي تعوق تنفيذ النقص في القوى البشرية, فكل جهة عندما تناقش تقريرها السنوي في مجلس الشورى نجد الجانب البشري هو "الحيطة المائلة" التي تقف أمام التنفيذ والتطور والمتابعة ولم نجد جهة لم تشتك من ذلك القصور, لدرجة أنه بدأ يؤثر في تنفيذ الكثير من الإصلاحات في الجوانب القضائية والقانونية والرقابية.
الأمانات و"التجارة" و"الصحة" تشتكي من عدم وجود قوى عاملة كافية للرقابة ومتابعة تنفيذ الأنظمة خاصة التي أقرتها الدولة للتحكم في الأسعار وخفض مستوى التضخم.
أمامنا حلان لا ثالث لهما, أحدهما تنفيذي وقتي والثاني استراتيجي, لنسأل أنفسنا: ماذا نريد الآن أولا؟ الإجابة واضحة وهي التحكم والسيطرة على الأسعار وتنفيذ قرارات مكافحة التضخم.
لنحول العاطلين عن العمل إلى مشروع وطني لمكافحة التضخم يحقق الكثير من الإيجابيات والأهداف, منها إيجاد تحالف قوى مع المواطن العاطل عن العمل والدولة وضبط المتاجرين بالناس والدولة، وضبط وعدم إعطاء حرية لمزايدين بالأسعار والمقلدين للسلع والمتسترين والعمالة غير النظامية والسلع المغشوشة والرديئة .. إلخ من المهام ويتم تدريبهم عليها، وأن يدعم ذلك المشروع من صندوق الموارد البشرية بمنح مكافآت مقطوعة ولمدد محددة لمساعدة تلك الجهات.
ألا تتوقعون أن العاطلين عن العمل إلى جانب ما ذكر من فوائد وإيجابيات سنأخذ بيدهم للتعرف على الفرص المعيشية عن قرب إلى جانب زيادة وعيهم بأساليب كسب العيش المتاحة في بلدهم؟
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|