العنوسة وثقافة الوصمة
12-28-2011 07:02
هل هناك ما يسمى بالعنوسة؟ وهل هي مصطلح علمي أو اجتماعي أو مِن الأعراف أو التقاليد الاجتماعية؟
لقد بحثت ذلك الموضوع بصفتي من الباحثين في العلوم النفسية والسلوكية ولم أجد هذا المصطلح أو تصنيف الناس عمرياً من خلال العلاقة الزوجية حتى في التراث الإسلامي لم أجد ما يطلق عليها "عانس" ولم تحدد الأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام وأيضاً النظرية النفسية والاجتماعية سقفاً محددا للزواج أو تصنيفاً لحالات الزواج، فالرسول صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة أم المؤمنين وعمرها في حدود الأربعين وكان يصغرها سناً.
إذن لماذا نرحب بهذا المصطلح ونردده على المرأة وليس الرجل؟ وهل نحن مجتمعات تبحث عن المصطلحات والوصمات التي تضايق الناس وتمارس عليهم الضغوط من أجل الخضوع والموافقة على ما نريد حتى وان كان ذلك أمرا شخصياً؟
وهل هناك ما يعيب المرأة أو الرجل في الارتباط والشراكة الزوجية في أي عمر؟ وهل يوجد قانون يحدد صلاحية العمر للزواج؟
ألا تعتقدون أن لكل إنسان ظروفه النفسية والاجتماعية والجسدية ومن حقه أن يقرر مسألة الزواج من عدمها أو اختيار الوقت الذي يناسبه للزواج؟ أما لا بد من أن تضحي المرأة اجتماعياً على حساب ظروفها الخاصة و"بعدين يحلها حلال" وتصبح تلك الظروف واقعاً مؤلماً قد يدفعها إلى عدم التوافق الزوجي ثم الانفصال عاطفياً وبعدها الطلاق الذي أصبح شبه ظاهرة تؤرق أغلب البيوت؟!
كل إنسان يحب الخير للناس ويود أن يراهم يمارسون حاجاتهم ومطالبهم الحياتية في إطار أخلاقي وقيمي، إلا أننا يجب أن نؤمن بأن كل إنسان مدرك لمصلحته وحاجاته ومطالبه، وبدون شك فهو الوحيد المستفيد أو المتضرر من عدم تحقيق ذاته، وما دام المرأة أو الرجل عاقلين ولا ينطبق عليهما ما ينطبق على المرضى بأمراض عقلية ـ شفاهم الله ـ فليس من حق أحد أن يتجاوز حدوده الحقوقية ويمارس نوعا من الوصاية غير المباشرة وعبر إطلاق مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان على الناس، مما قد يؤذي مشاعرهم ويدفعهم إلى أمور لا تحمد عقباها، وبهذه الطريقة من التفكير نؤسس في بُنياننا المعرفي ثقافة الوصمة والمصطلحات غير المبنية على أسس علمية منهجية أو مرجعية دينية.
www.aleqt.com/2007/08/04/article_9602.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|