العودة إلى الجذور
12-28-2011 07:21
من المتعارف عليه في تعريف الشخصية أنها قدرة الإنسان على التأثير والتأثر بالبيئة المحيطة به. وفي ضوء ذلك المفهوم, فإن انعكاس البيئة على أفكاره ومزاجه وسلوكه من الأمور المؤكدة, لذا فإن سكان الجبال القرويون يختلفون عن البدو الرحل, وأيضا البدو المستوطنون وسكان السواحل يختلفون في قدرتهم على التكيف مع البيئة وانعكاس البيئة على سلوكياتهم وانفعالاتهم. ونجد أيضا أن سكان المناطق التي تتمتع بمناخ قاري شديد الحرارة صيفا شديد البرودة شتاء غير سكان المناطق الباردة ومعتدلة البرودة أو معتدلة البرودة والحرارة أو المناطق الجافة والأخرى التي تمتاز برطوبة عالية. ومع أن الإنسان من أكثر الكائنات تكيفا مع البيئة, إلا أنه قد يعاني مشكلات عدة للوصول إلى التوافق, وهي مرحلة متقدمة من الحالة النفسية, التي تسهم بشكل فاعل في تحقيق ذاته وتمتعه بصحة نفسية. وعادة ما يسهم الإنسان عندما يتقيد بالعادات والتقاليد والمحاكاة الاجتماعية التي لا تسمح له بالخيار الشخصي, في نوع من ضعف التوافق لديه واعتلال صحته النفسية.
والإنسان مهما تأثر بأنماط البناء الفاخرة والمعاصرة التي عادة ما تعتمد على الأسمنت, إلا أنه يرتاح نفسيا للبناء الذي يأخذ شكل الطين أو من الطين والخشب الطبيعي وكل ما هو يحاكي الطبيعة. والبناء الحالي لعب دورا في تشكيل شخصية الإنسان ومزاجه, وعندما نلاحظ بناء البيوت في المدن, نجدها عبارة عن أبواب وجدران وكأنها غرف فنادق للعيش المؤقت مما أسهم في ذلك الاعتماد على عدد كبير من المكيفات والإضاءات التي تبث ضجيجا وطاقات كهرومغناطيسية وانعدمت التهوية والمساحات المفتوحة التي اعتاد عليها الإنسان في بيئته الطبيعية, وحتى النوافذ يتم تصغيرها وتحاط بالشبك الحديدي أما الأبواب الخارجية فيتم عملها كأبواب البنوك. وعندما نقارن أنفسنا بالدول التي تكثر فيها سرقة البيوت نجد أنفسنا أكثر منهم مبالغة في الخوف والقلق وهذا ما يفسر انتشار ما يسمى الرهاب المعرفي الذي يبنى على أساس فكري وليس واقعي.
ودرس "علم السيكوفيزياء" وهو أحد فروع علم النفس التي تعنى بتأثير المادة في الإنسان من الناحية النفسية, كيف يؤثر اللون والإضاءة والنور والهواء والمساحات وغيرها في مزاج وانفعالات الإنسان ووجدانه. ومهما حاول المصممون تهيئة بيئة البيت لصالح الإنسان, إلا أنه يرتاح نفسيا للبناء القديم بلونه الطيني مما يعزز حنين الإنسان إلى جذوره الطبيعية من دون تكلف.
www.aleqt.com/2006/10/21/article_6777.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|