العين بصيرة واليد قصيرة
12-28-2011 07:27
دار حيث بيني وبين أحد مديري المراكز الصحية التي تم نقلها إلى مراكز حديثة البناء في العاصمة، عن دور المركز في إشعاع الحياة الصحية للناس الأصحاء والمرضى وكيف يمكن من خلال المركز الحديث الحد من تفشي الأمراض والحد أيضا من التزاحم على المستشفات العامة والمرجعية... إلخ من الأمور المهمة للصحة، وبالصدفة رأيته مشغول الذهن ومرة يروح وأخرى يرجع وكل شويه يتصل وأخرى يستقبل وكانت حالته في وضع طارئ فسألته عسى المانع خيرا فرد وهو يتنهد يا أخي الماء مقطوع عن المركز وهذا يتكرر معنا مرات في الشهر وبعض الأسابيع فتوقعت أن المعاناة بسبب شح المياه الموصلة للمركز ولكنه رد علي وقال المركز غير موصل بالشبكة العامة!! على الرغم من أنه وسط الرياض ومنذ أن تسلمناه ونحن معاملة رايحة وأخرى جاية، قلت وهل لديك ميزانية لتتصرف بسرعة وتتعاقد مع شركة توصيل ماء لمثل هذه الحالات الطارئة قال ولا "مليم" واحد بل في بعض الأحيان ندفع من جيوبنا من أجل الوفاء ببعض المستلزمات ونخلي الأمور تمشي على الأقل.
الحقيقة ما قاله صديقنا ليس غريبا، فالمراكز الصحية التي هي أولى دعامات الصحة في أي مجتمع متحضر نجدها عندنا متكدسة بالإخوة والأخوات الإداريين والإداريات لدرجة التضخم على حساب نقص في أطباء الصحة والمجتمع المشغولين بمناصب إدارية والممرضين والممرضات والإخصائيين إضافة إلى فقدان روح العمل لدى العاملين الذين يعملون من أجل العمل. فإذا كان المركز لا يملك ميزانية ولا أهدافا ولا إمكانات ما أدري كيف يعمل؟ بل الخطورة في الأمر أن الضغط الحاصل على مديري المراكز يجعلهم في وضع محبط ينعكس على دور المركز ويصعب على من أراد التغيير أن يسحبهم من إحباطهم، وفي المقابل لن تنحل مشكلة أسرة المستشفيات القليلة وقوائم الانتظار على المستشفيات لأن المواطن تولدت لديه ثقافة جديدة محتواها ضعف الثقة بخدمات المراكز مما يجعله يندفع حتى وإن كان لديه ارتفاع في الحرارة أو بعض الزكام إلى أقرب مستشفى عام أو تخصصي ليتعالج من أمور هي من اختصاص المركز.
لقد ذكرت في مقالات سابقة أن اللوم ليس لوم العاملين في تلك المراكز ولكن المشكلة لها علاقة بالنظام الصحي في البلد الذي يجب أن يعود إلى الصواب ويعود الهرم الصحي إلى أصله بإعطاء صلاحيات مادية وإدارية لمديري المراكز والمستشفيات وتقليل صلاحيات المديريات والوزارة التي تعاني التضخم الإداري الذي أصبح أكبر معوق للتقدم الصحي وأكبر مثال إذا سألت مدير مركز صحي أو مستشفى لماذا هو مقصر ولا يقوم بما يجب أن يقوم به فإن رده السبب المديرية وإذا ذهبت إلى المديرية قال مدير الشئون الصحية السبب الوزارة، وإذا كان الأمر بهذه الطريقة اللامسئولة لماذا لا نقلب الهرم المقلوب ونعيده إلى أصله وتصبح العملية بالعكس ثم نحاسب أولئك الناس بعد ذلك ونقيم عملهم وسنجد أن خريطة الرعاية الصحية في البلد قد تغيرت لمصلحة الناس وهذا هو المطلوب في آخر المطاف.
www.aleqt.com/2009/03/02/article_200851.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|