المشيخة على حساب الخدمات
12-29-2011 02:13
أعتقد أنه قد حان الوقت لإيقاف الاجتهادات الشخصية بتعدد الآراء حول إنشاء وتوزيع الخدمات سواء صحية أو اجتماعية أو تنموية ما دام هناك ما يسمى بالمعايير التي لا يختلف عليها اثنان وتمنع الجدل والتذمر والأخذ والعطاء وكيل التهم بالتقصير على مسؤولي الدولة.
المواطن يعتقد أن الدولة مقصرة في إيصال الخدمة إليه مثل فتح مركز صحي أو مدرسة أو إنشاء مرفق حكومي ونتيجة تعالي الصيحات عبر وسائل الإعلام والمكاتبات والزيارات لقياديي الدولة تكون الاستجابة لإرضاء من يمكن إرضاؤه تصبح العملية إدارة طوارئ بعيدة عن أساليب التخطيط الاستراتيجي أو المدروس، وما دامت العملية تتم بهذه الطريقة فلن ننتهي من لعبة القط والفأر وكيل الاتهامات بالتقصير لأن المعلومة المعيارية العلمية والمدروسة لا يعلم عنها المواطن العادي وليس هناك مستوى من الشفافية للقضاء على الشائعات والتذمر، وفي الإطار نفسه نجد أن غياب الجانب المعياري للخدمات يتيح مجالا أوسع لانتشار الفساد الإداري فيعتقد المواطن أن المسؤول هو الذي يمنح الخدمة وأن كل الأمور بيده، فتزداد أهمية ودور المسؤول في هذا الجانب، فإما أن ينفذ ما يطلب منه بالمعروف وإما بالطرق الأخرى، فإن الحل الأخير إزعاجه بالشكاوى الكيدية وغير الكيدية وتشتيت انتباهه عبر وسائل الإعلام حتى يرضخ أو يرضخ لمن هم أعلى منه.
الأمر الآخر أتاح عدم وجود معايير علمية عالمية للخدمات وغيرها من الأمور التي تمس حياة المواطن إلى ظهور قياديين غير مؤهلين يتمسكون ويعيشون على رضا الناس حتى وإن كان على حساب هدر الموارد أو حساب أناس آخرين ومن يملك القدرة على الصياح أو من لديه واسطة يحصل على ما يريد وهذا ما نخشاه أن تنشأ هناك ثقافة الأمر الواقع وإلى ما يؤخذ بالصياح يؤخذ باليد، وقد تعزز هذه السلوكيات العزة بالإثم لدى أولئك المديرين غير المؤهلين يصبح المنصب تشريفا أكثر من كونه تكليفا.
المملكة أصبحت الآن تجني ثمار تلك الأمور بعدة أشكال كعدم عدالة توزيع الخدمات وتضخم الخدمات في مكان دون آخر وزيادة تكلفة الخدمات على ميزانية الدولة خاصة عندما تنشأ تلك الخدمات عن طريق التبرعات غير المشروطة ثم توضع الدولة أمام سياسة الأمر الواقع لتشغيلها وصرف مبالغ طائلة لصيانتها ودفع رواتب العاملين، بينما نجد أن نسبة تشغيلها لا تتجاوز أقل المعايير، وقد أدت أساليب التبرع غير المشروط والمدروس إلى اختراق سلطة وقدرة الدولة وجعلها في موقف حرج من المواطنين، فإما أن تقبل ويكون ذلك على حساب أمور كثيرة وإما أن ترفض وتصبح ملامة كون الأمور غير واضحة وعشوائية، وفي ظل تلك المتغيرات يكون التخبط.
في آخر المطاف، ستكون النتيجة هدرا واضحا للموارد وعدم وضوح أثر فائض الميزانية على الناس وعدم استغلال تحسن الميزانيات والحل متاح للجميع، فالمعايير المحلية والعالمية موجودة تحتاج إلى توحيدها والاتفاق عليها كمعايير وطنية تجمع في مجلدات كموسوعة وتتاح لاطلاع الجميع بشرط أن تكون بالطابع التنفيذي وليس الاسترشادي ومن يخالفها يتحمل التبعات القانونية.
www.aleqt.com/2008/02/25/article_11636.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|