المقالات
مقالات د. عبدالله الحريري
المعاملة الحسنة تحتاج إلى مهارات
المعاملة الحسنة تحتاج إلى مهارات
12-29-2011 02:30




عندما طرحت مسألة معاملة الناس سواء في القطاعات الحكومية أو الأهلية – التي أتمنى أن تصبح قطاعا واحدا ونتخلص من تلك التسميات – لم تأت المسألة من فراغ بل نبعت من أصول قيمية إلزامية على البشر على اختلاف أديانهم ولم تكن العملية عملية اختيار شخصي بقدر ما أصبحت الآن مهارات إلزامية تدرس في أغلب المعاهد والجامعات المتقدمة وأصبحت جزءا لا يتجزأ من استراتيجية التسويق والبيع والعلاقات العامة لما تتمتع بها من أهمية قصوى في ربط مستوى أداء وإنتاجية وجودة أي جهاز خدماتي أو بيعي .
ومشكلة غالبية البشر إلى جانب سوء الفهم كما ذكرت في مقالتي السابقة هي مشكلة تواصل محترف في جميع مناحي حياتهم سواء الخاصة أو العامة، فالمشكلات الشخصية سواء كانت اضطرابات أو أمراض أو إعاقات قد تحول دون عملية الاتصال الناجح مع الناس وقد ينتج منها الكثير من المشكلات والعقبات وسوء الفهم والظن والشكوك، وكما تبنت وزارة الصحة أن المعاملة الحسنة لا تحتاج إلى إمكانيات فهي فعلا لا تحتاج إلى إمكانيات مالية أو مادية بالمعنى الشامل، بل تحتاج إلى مهارات شخصية، إذا أردنا أن نتجاوز مسألة الحدود الدنيا للمعاملة التقليدية إلى معاملة أكثر تقدما ورقيا وحضارة وإذا أردنا أن نكون أكثر تميزا لا مجرد مؤدين لأعمال مطلوبة منا لمجرد أننا نعمل في مؤسسات خدماتية. وأكثر ما يزعج عملية الاتصال الإنساني هو ضعف الإمكانيات الشخصية والقدرات والمهارات، فمن الممكن أن يكون الشخص استشاريا أو يحمل درجة الدكتوراه أو عالما في أحد العلوم إلا أنه متمركز حول ذاته، وقد يعاني من مشكلة التواصل مع الآخرين وهي في الحقيقة مشكلة يعاني منها الشخص نفسه في الدرجة الأولى، ولديه مشكلة في التصالح مع نفسه، وأعتقد أن ما يقلق أداء القطاعات الحكومية بالذات، التي تعاني من قصور واضح من مهارات التواصل والاتصال لدى مدرائها وقياديها مما يجعل أداء تلك المؤسسات أداء يشوبه الكثير من التساؤلات والتعجبات فهو أداء غير مستقر وبيئة مناسبة لنمو الصراعات والتكتلات والشائعات، وتكون المشكلة ذات أبعاد عدة عندما تعاني تلك المؤسسة من رأس الهرم إلى أسفلة من ضعف تلك المهارات وربما لو احتجنا إلى عمل دراسة استطلاعية لبحث أسلوب التواصل والاتصال والنتائج السلوكية، لتلك المشكلات لوجدنا أن هناك مشكلة واقعية تحتاج إلى تدخل سريع فعال، وأعتقد إن تلك المشكلة ربما تكون أكثر من مشكلة اختلاس المال العام. فمشكلة اختلاس المال العام قد تكون محدودة ومعروفة وهناك جهات رقابية مستقلة تعنى بتلك المشكلة، أما مشكلة ضعف مهارات الاتصال والتواصل بمفهومها العام فإن المشكلة معرفية وسلوكية تتحكم فيها عوامل عدة منها ما هو شخصي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو مؤسساتي، وإذا كنا نريد فعلا أن ننقذ خدماتنا من الإهمال وضعف مستوى الجودة لا بد من تأصيل تلك المهارات في المناهج والوصف والاختيار الوظيفي لجميع مكونات الهرم المؤسساتي في الدولة. وأنا على ثقة أن تدهور أداء أغلب القطاعات سيتحسن، فالمشكلة هي أمور شخصية وصراعات المصالح والاهتمامات وضعف في الشخصيات وليس ضعف ميزانية الدولة.

www.aleqt.com/2006/08/26/article_6221.html

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 304


خدمات المحتوى


د. عبدالله الحريري
د. عبدالله الحريري

تقييم
1.00/10 (9 صوت)

Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.