المعايشون معاناة الناس
12-29-2011 02:47
لقد أفرح قرار خادم الحرمين منح راتبين لمن يعملون على خدمة المرضى وأكد حقيقة علمية
أن من أكثر الناس إجهادا الذين يعملون في خدمة المرضى، وما أقصده هنا الإجهاد النفسي، والتوتر الناتجين عن شعورهم وإحساسهم بمعاناة الآخرين وآلامهم وهمومهم، وتزداد درجة المعاناة حسب طبيعة العمل وحسب كل حالة والمدة الزمنية التي يقضيها من يعمل على خدمة المرضى، فالممرض على سبيل المثال وهو أحد أعضاء الفريق يقضي وقتا أطول مع المرضى، خاصة عندما يكون المريض منوما، ويزداد الوقت والمشاركة العاطفية كلما كان المرض شديدا أو حادا أو مزمنا.
من يقومون على خدمة المرضى من معالجين وجميع فريق العمل هم في الواقع لا يشاهدون سوى ما يكدر الخاطر فالمرض معاناة غير سعيدة وتجلب الهم والحزن والاكتئاب والقلق، وبالتالي فإن المريض ومن يقوم على خدمته عادة ما يتشاركون عاطفيا تلك المعاناة بشكل نسبي،وعندما تتطلب وظيفة الإنسان العمل على خدمة المرضى فإنه يقضي ثلث حياته وهو يتلمس ويعالج ويخفف معاناة الناس وبالتالي سيكون من أكثر الناس إجهادا أو يحتاج إلى ترتيبات خاصة لمواجهة ما قد يتعرض له من إجهاد في عمله وخارج عمله.
ويجب أن نميز في التعاملات الوظيفية بين الناس حسب طبيعة عملهم، فالقضاة والعسكريون وغيرهم كل منهم له طبيعة عمل تحتاج إلى تعامل وظيفي ونظرة خاصة، ولا يمكن أن تسوي بين جميع الناس في التعاملات الوظيفية فيما يتعلق بطبيعة العمل، فهناك وظائف تتطلب مجهودا عضليا وأخرى مجهودا فكريا ونفسيا واجتماعيا ومنها ما يجمع بين أكثر من مجهود، وعند قياس أثر طبيعة عمل الوظيفة على الإنسان, لا بد أن نحدد ونعرف ذلك الأثر وحجمه ونسبة تأثيره في حياة من يقوم به وفي ضوء ذلك تتم المكافأة المادية والمعنوية ووضع الأنظمة التي تعالج الموترات التي قد يتعرض لها من جراء طبيعة عمله.
ومن خلال نظرة واقعية لطبيعة عمل من يقومون على خدمة المرضى وما يتعرضون له من موترات داخل العمل وخارجه فإن مثل تلك النظرة الثاقبة والأبوية من خادم الحرمين الشريفين ستعالج وتخفف من الإجهاد النفسي والجسدي لمن يعملون على خدمة المرضى.
www.aleqt.com/2007/09/08/article_9936.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|