المناصحة للجميع
12-29-2011 04:15
أصبح السجن كعقاب من الأمور التي تحتاج إلى دراسة بالرغم من كونه عقابا يقوم على سلب الحرية الطبيعية للفرد من ممارسة حياته الاجتماعية, ومع الوقت ومن خلال اطلاعنا على الدراسات الخاصة بالعودة مرة أخرى إلى السجن وأيضاً تفشي الأمراض الوبائية وبعض الممارسات السلوكية وتعاطي المخدرات بالرغم من الرقابة المحدودة في إطار مكاني محدد وحتى من يطالب بوجود كاميرات للمراقبة إلا أن تلك المراقبة لن تكون مقبولة إنسانيا في بعض الأماكن التي تعد بالنسبة لثقافتنا الدينية والإسلامية محظورة.
هناك حالات تعاني اضطرابات سلوكية كالشخصية المضادة للمجتمع وغيرها من الاضطرابات النفسية قد لا ينفع السجن كعقاب وتعديل للسلوك بل يعد مرحلة للراحة والتخطيط وقد يقود أحدهم عصابة من داخل السجن ويوظف الكثير من السجناء لصالح عدة أغراض مما يصعب من الناحية السلوكية تعديل سلوكه ولا يمكن أن نجمع الناس على أسلوب واحد عند ما نريد تعديل سلوكهم فهناك فروق فردية. وعلى مستوى الجريمة هناك فروق سلوكية ومعرفية واجتماعية وثقافية يتميز بها كل مخطئ, وإذا حاولنا الخروج بهم دون تصنيف فإن السجن لن يكون بيئة إصلاح وفي الوقت نفسه ستجد الدول صعوبة في محاولة التصنيف لأن ذلك سيؤدي إلى صعوبات تشغيلية وإلى امتداد أفقي للسجون، وفي ظل متابعة الجمعيات الحقوقية فإن أموراً كثيرة تتعارض مع الأسلوب العقابي السابق المقلوت لأن العملية أصبحت تأخذ في عين الاعتبار أمورا ذات طابع إنساني ولها علاقة بحقوق الإنسان قد لا تكون مقبولة في الوقت الراهن.
إن تجربة المناصحة التي تبنتها وزارة الداخلية تعد من التجارب المهمة والتي أشاد بها العالم وأصبحت الأمم المتحدة تواقة لمعرفه هذه التجربة وتبنيها خاصة أنها طبقت مع فئة صعبة المراس والأفكار والنفسيات والثقافات والمعتقدات والاعتقادات. ولو رجعنا إلى الجوانب العلمية لتأطيرها فإنها لن تختلف عن تجربة العلاج النفسي أو الإرشاد النفسي السلوكي المعرفي لأنها تتناول الجانب المعرفي بالتعديل وهو ما أكدته الدراسات النفسية العالمية لعلاج أغلب الأمراض والاضطرابات السلوكية والمسلكية, وهو في الحقيقة أفضل بديل وأهمها إذا حاولنا توسيع نطاقه بشكل مناصحة لأغلب الفئات التي يصدر بحقها عقوبات كون التعديل الفكري المعرفي هو الأساس في تعديل السلوك.
وما دامت التجربة نجحت في أصحاب الفكر الضال فمن باب أولى أن تنجح لدى الكثير من أصحاب الأفكار غير العقلانية واللامنطقية, ويفضل أن تكون بديلا عن التوسع في السجون وتقليل فترة بقاء المعاقبين, حتى وإن خصصت أماكن لهذا الأسلوب في تعديل السلوك وجُلب له من الاختصاصين في العلوم الدينية والنفسية والاجتماعية. ففي آخر المطاف ستكون النتائج أفضل من الوضع الحالي وستسهم في تقليل نسبة الجريمة على المدى البعيد.
www.aleqt.com/2008/02/04/article_11418.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|