الميدان يا حميدان
12-29-2011 04:26
أعتقد أنه حان الوقت ليتخلى المسؤولون عن الجلوس طوال الوقت على الكرسي، فالجلوس لأوقات طويلة مضر بصحتهم وقد يعانون أعراض الحامل في أشهرها الأخيرة ويفضل أن يتوقفوا عن الزيارات المفاجئة والبحث عن كبش الغداء، فهذه مرحلة انتهت كسيارات البلاكاش عندما كانت تدخل القرية والعيال يطاردونها حتى تتوقف، وأن يتجهوا لإرساء الأنظمة ووضع المعايير الكفيلة بتطبيق الجودة الشاملة والنوعية على إجراءات العمل والاعتراف بأن هناك تقنيات يمكن أن تعمل مكان تلك الأمور، وأن يتخلوا أيضاً عن أسلوب الدفاعات المتكررة والمستميتة، فالإقرار بالقصور والخطأ أول خطوة نحو الإصلاح والتطور ومن يخطئ فهو يعمل ومن يخاف من النقد الله يعينه على المزيد من القلق والدوران في حلقة مفرغة من الشكوك والأوهام والظنون وقد يستعجل الدخول في عالم السكر والضغط، وقد يكون عامل هدم لمن حوله من الكفاءات، ويفضل أن يختار التقاعد المبكر حتى لا يُقاعد ويعيش متلازمة الانفطام من الكرسي التي تصيب البيت ويقعد طوال وقته مشغولا بأقفال لمبات البيت ومناقرة أم العيال.
اعتقد أنه قد حان الوقت لأن نكون ميدانيين نعايش ونتلمس هموم الناس على أرض الواقع، أن نتنفس كما يتنفسون وأن نحس بالحر كما يشعرون وأن نظمأ كما يظمأون وأن نقف في الطوابير كما يقفون، وإذا تألموا على الأقل نذهب لنرى ونسمع أنينهم وقلقهم على صحتهم ونرى هل هم من أهلنا أم من كوكب آخر وهل مطالبهم وحاجاتهم مشروعة أم مجرد ترف وهل من حقهم أن يعبروا على أنفسهم أم يجب ألا يعبروا؟
إخواني هناك تساؤل بسيط: هل عندما يذهب الإنسان ويتظلم إلى خادم الحرمين أو يعرض معاناته عبر وسائل الإعلام ويتكبد معاناة السفر وانتظار يوم استقبال الجمهور من أجل أن يحظى بلقاء أخينا المسؤول المشغول في اللجان والاجتماعات وحضور المؤتمرات والمعارض، هل يعني هذا أن الناس "فاضين" وما عندهم سالفة وأصحاب مشاكل أم ماذا؟
الناس ما هم "فاضين" ولا "حاقدين". الناس يريدون النتائج والخدمة والمعاملة اللائقة والحسنة والتعامل معهم بإنسانية وبتعاطف وليس عطفا وهذه الأمور لن تتحقق من خلف المكاتب والكواليس.
لماذا لا نجرب الإدارة من الميدان، ونجعل يوم استقبال الجمهور إلى أيام لزيارته مرة في البيت وأخرى في الشارع وفي المدرسة والمستشفى والسجن والاطلاع على معيشة الناس وفقرهم وماذا يأكلون وكيف صحتهم وزيارة كبار السن ومن لا عائل لهم وكيف يتنفس الناس ويلعب الأطفال في التراب والمجاري وكيف يقطعون المسافات في وسط الزحام والحر؟
ونقيم التجربة ونشوف رضا الناس عن مؤسساتهم وليكن ذلك بتخصيص أسبوع في الشهر يسمى أسبوع العمل الميداني أو أسبوع فرق العمل الميداني أو أسبوع نصل قبل أن تتصل ... إلخ من المسميات ... المهم الحكم الميدان يا حميدان.
www.aleqt.com/2008/06/30/article_12824.html
|
خدمات المحتوى
|
د. عبدالله الحريري
تقييم
|